كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 273 """"""
فأعلم المقتدر بذلك فقال : تصل إليه وتخطبها . فلما وصل إليه وخطبها قال الخباز للوزير : أله صنعةٌ ؟ فقال الوزير : ابن المعتمد يطلب منه صنعة وهو سلطان الأندلس ؟ فقال له : أمها طالق إن زوجتها إلا من له صناعةٌ يستر حاله وحالها بها إن احتاج إليها .
فأعلم الوزير المعتمد فقال : هذا رجل عاقل فأمر بإحضار الصاغة إلى القصر وعلَّم فخر الدولة الصياغة وحذق فيها فلما جرى عليهم ما جرى دخل حوانيت الصاغة ، وصاغ بالأجرة فرآه ابن اللبّانة وهو ينفخ في بعض الحوانيت فقال :
أذكى القلوب أسىً ، أبكى العيون دماً . . . خطب وجودك فيه يشبه العدما
صرَّفت في آلة الصيّاغ أنملةً . . . لم تدر إلا الندى والسيف والقلما
يا صائغاً كانت الدنيا تُصاغ له . . . حلياً وكان عليه الحلى منتظما
النَّفخ في الصور هول ما حكاه سوى . . . هولٌ رأيتك فيه تنفخ الفحما
قال : ولما انقرضت الدولة العبادية صار ملك بلاد المسلمين إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين صاحب مراكش والمغرب ، وسنذكر ذلك إن شاء الله في أخباره .
ممالك الأندلس الأخرى وأما سرقسطة والثغر الأعلى فكان ذلك بيد منذر بن يحيى إلى أن توفي وولي بعده ابنه يحيى ، ثم ولي بعده سليمان بن أحمد بن محمد بن هود الجذامي ، وكان يُلقَّب بالمستعين ، وكان من قواد منذر على مدينة لاردة ، وله وقعة مشهورة مع الفرنج في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة . ثم توفي وولي بعده ابنه أحمد المقتدر بالله ، وولي بعده يوسف المؤتمن ، ثم ولي بعده أحمد المستعين على لقب جدِّه ، ثم ولي ابنه عماد الدولة . ثم ابنه أحمد المستنصر بالله ، وعليه انقرضت دولتهم على رأس الخمسمائة ، وصارت للملثمين .
وأما طرطوشة فوليها الفتى العامري .
وأما بلنسية فكان بها المنصور أبو الحسن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن أبي عامر ، ثم انضاف إليه إلمرية ، وما كان إليها . وبعده ابنه محمد ، ودام فيها إلى أن غدر به صهره المأمون بن إسماعيل بن ذي النون في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وأربعمائة .
وأما السَّهلة فملكها عبُّود بن رزين ، وأصله بربري ، ومولده بالأندلس . فلما هلك ولي بعده ابنه عبد الملك ، ثم ابنه عزُّ الدولة ، ثم الملثمون .

الصفحة 273