كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 275 """"""
وأربعين وأربعمائة وقتل بها خلقاً كثيراً من النصارى ، وسبي . فسار إليه الفرنج والروم في آخر السنة فأخرجوه منها ، فرجع إلى الأندلس فوجد المعيطي قد مات . وبقي مجاهد إلى أم مات ، وولي بعده ابنه علي بن مجاهد ثم مات ، فولي بعده ابنه أبو عامر . ثم صارت دانية وسائر بلاده إلى المقتدر بالله أحمد بن سليمان بن هود ، في شهر رمضان سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة . وأما مرسية فوليها بنو طاهر ، واستقامت رئاستها لأبي عبد الرحمن المدعو بالرئيس إلى أن أخذها منه المعتمد بن عباد على يد وزيره أبي بكر بن عمّار الفهري ، فلما ملكها عصي على المعتمد فيها ، فوجَّه إليه عسكراً مقدِّمهم أبو محمد عبد الرحمن بن رشيق العشيري وملكها فعصى فيها على المعتمد بن عبّاد إلى أن دخل في طاعة الملثمين ، وبقي بها إلى أن مات في سنة سبعٍ وخمسمائة .
وأما إلمرية فملكها خيران العامريّ إلى أن توفي ، وملكها زهير العامري واتسع ملكه إلى شاطبة إلى ما يجاور عمل طليطلة . ودام إلى أن قتل وصارت مملكته إلى المنصور أبي الحسن بن أبي عامر - صاحب بلنسية ، فوليّ عليها محمداً ابنه ، فأقام بها مدةً في حياة أبيه وبعد وفاته إلى أن أخذها منه صهره ذو الوزارتين أبو الأحوص معن بن محمد بن صمادح التجيبي . ودانت له لورقة وبيّاسه وجيّان وغيرها ، إلى أن توفي في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة ، وولي بعده ابنه أبو يحيى محمد بن معن - وهو ابن أربع عشرة سنة - فكفَّله عمه أبو عتبة بن محمد إلى أن توفي في سنة ستٍّ وأربعين وأربعمائة . فبقي أبو يحيى مستضألاً لصغره ، وأخذ ما بعد من بلاده عنه ، ولم يبق له غير إلمرية وما جاورها . فلما كبر أخذ نفسه بالاشتغال بالعلوم ومكارم الأخلاق ، فامتد صيته واشتهر ذكره وعظم سلطانه والتحق بأكابر الملوك . ودام بها إلى أن نازله جيش الملثمين فمرض في أثناء ذلك ، وكان القتال تحت قصره فسمع يوماً صياحاً وجلبه فقال : يغصّ علينا كلُّ شيءٍ حتى الموت وتوفي في مرضه ذلك لثمانٍ بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، وملك الملثمون إلمرية . ودخل أولاده وأهله في البحر إلى بجاية ، والتحقوا ببني حمّاد .
وأما مالقة فملكها بنو علي بن حمود ، فلم تزل في مملكة العلويين يخطب لهم فيها بالخلافة إلى أن أخذها منهم باديس بن حبّوس صاحب غرناطة .
وأما غرناطة فملكها حيوس بن ماكسني الصنهاجي ، ثم مات في سنة تسع وعشرين وأربعمائة وولي بعده ابنه باديس إلى أن توفي وولي بعده ابن أخيه عبد الله بن بُلكِّين . وبقي إلى أن ملكها منه الملثمون في شهر رجب سنة أربع وثمانين وأربعمائة .
وانقرضت جميع هذه الدول ، وصارت الأندلس جميعها للملثمين على ما نذكره إن شاء الله - عزَّ وجل - في أخبارهم أيام أمير المسلمين . يوسف بن تاشفين . ولما كانت جزيرة الأندلس بيد هؤلاء الملوك الذين ذكرناهم ، كانوا يُسمَّون بملوك الطوائف وبسبب انفراد كلِّ ملكٍ منهم بجهةٍ استولى الفرنج على طليطلة كما ذكرنا .
الصفحة 275
288