كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 29 """"""
وفيها ضمن حامد بن العباس الوزير أعمال الخراج والضياع الخاصة والعامة المستحدثة والفراتية بسواد بغداد والكوفة والبصرة وواسط والأهواز وأصبهان . وسبب ذلك أنه رأى أنه قد تعطل عن الأمر والنهي وتفرد به على بن عيسى ، فشرع في هذا ليصير له حديث وأمر ونهي ، ثم استأذن المقتدر في الانحدار إلى واسط ليدبر أمر ضمانه الأول فأذن له فانحدر إليها ، واسم الوزارة عليه ، وعلي يدبر الأمور وأظهر حامد زيادة عظيمة ظاهرة في الأموال ، فسر المقتدر بذلك وبسط يد حامد في الأعمال حتى خافه علي بن عيسى .
ثم تحرك السعر ببغداد فثارت العامة والخاصة ، لذلك ، واستغاثوا وكسروا المنابر ، وكان حامد يخزن الغلال ، وكذلك غيره من القواد ، فأمر المقتدر بإحضار حامد فحضر من الأهواز ، فعاد الناس إلى شغبهم . فأنفذ حامد جماعة لمنعهم ، فقاتلهم العامة ، وأحرقوا الجسرين وأخرجوا المحبسين من السجن ونهبوا دار صاحب الشرطة ، فأنفذ المقتدر جيشاً مع غريب الخال فقاتل العامة ، فانهزموا بين يديه ودخلوا الجامع بباب الطاق ، فأخذوا وحبسوا ، ثم ضرب بعضهم وقطعت أيدي من عرف بالفساد .
ثم أمر المقتدر من الغد فنودي في الناس بالأمان فسكنت الفتنة ، ثم ركب حامد إلى دار المقتدر في الطيار فرجمه العامة ، فأمر الخليفة بفتح مخازن الحنطة والشعير التي لحامد ولأم المقتدر وغيرهما ، وبيع ما فيها فرخصت الأسعار وسكنت الناس ، فقال علي بن عيسى للمقتدر : إن سبب غلاء الأسعار ضمان حامد ، فإنه منع بيع الغلال في البيادر وخزنها فأمر المقتدر بفسخ الضمان عن حامد وصرف عماله عن السواد ، وأمر علي بن عيسى أن يتولى ذلك ، فسكن الناس واطمأنوا .
وفيها قلد إبراهيم بن حمدان ديار ربيعة ، وحج بالناس في هذه السنة أحمد بن العباس أخو أم موسى القهرمانة .
ودخلت سنة ثمان وثلاثمائة : في هذه السنة خلع المقتدر بالله على أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان ، وقلده طريق خراسان والدينور ، وخلع على إخوته أبي العلاء وأبي السرايا .

الصفحة 29