كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 34 """"""
وهو وزير ، ثم أحضره وأحضر الفقهاء والعمال وناظره على ما وصل إليه من المال وطالبه به ، فأقر بجهاتٍ تقارب ألف ألف دينار ، وضمنه المحسن بن أبي الحسن بن الفرات الوزير من المقتدر بخمسمائة ألف دينار فسلمه إليه فعذبه بأنواع العذاب ، وأنفذه إلى واسط مع بعض أصحابه ليبيع ماله هناك ، وأمرهم أن يسقوه سماً فسقوه سماً في بيض مشوي كان طلبه ، فأصابه إسهال فلما وصل إلى واسط أفرط القيام به . وكان قد تسلمه محمد بن علي البروجري فلما رأى حاله أحضر القاضي والشهود ليشهدوا عليه أنه ليس له في أمره صنع فلما حضروا عند حامد قال لهم : إن أصحاب المحسن سقوني سماً في بيض مشوي فأنا أموت منه وليس لمحمد في أمري صنع ، لكنه أخذ قطعة من أموالي وأمتعي وجعل يحشوها في المساور وتباع المسورة بمحضر من أمين السلطان بخمسة دراهم فبضع من يشتريها ويحملها إليه فيكون فيها أمتعة تساوي ثلاثة آلاف درهم ، فاشهدوا على ذلك وكان صاحب الخبر حاضراً فكتب بذاك ، ثم مات حامد في شهر رمضان من هذه السنة .
وصودر علي بن عيسى بثلاثمائة ألف دينار وعذبه المحسن بن الفرات وصفعه فأنكر عليه أبوه لأن علياً كان محسناً إليهم في أيام ولايته وأعطى المحسن في أيام نكبته عشرة آلاف درهم ، فلم يرع له حق إحسانه . قال : ولما أدى علي بن عيسى مال المصادرة سيره ابن الفرات إلى مكة وكتب إلى أميرها أن يسيره إلى صنعاء ، ثم قبض ابن الفرات على أبي علي بن مقلة لأنه بلغه أن سعى به أيام نكبته وتقلد بعض الأعمال في أيام حامد ثم أطلقه ابن الفرات .
وقبض أيضاً على ابن الحواري وكان خصيصاً بالمقتدر وسلمه إلى ابنه المحسن فعذبه عذاباً شديداً - وكان المحسن وقحاً ظالماً سيء الأدب ذا قسوة شديدة ، وكان الناس يسمونه الخبيث بن الطيب ، وسير ابن الحواري إلى الأهواز ليستخرج منه الأموال فضربه الموكل به حتى مات . وقبض أيضاً على الحسين بن أحمد ومحمد بن علي الماذرائيين فصادرهما على ألف ألف دينار وسبعمائة ألف دينار ، ثم صادر جماعة من الكتاب ونكبهم . ثم إن ابن الفرات - خوف المقتدر من مؤنس الخادم وأشار عليه أن يسيره إلى الشام فأخرجه عن الحضرة في يوم شديد المطر ، ثم سعى بنصر الحاجب وأطمع المقتدر في ماله وكثرته فالتجأ نصر إلى أم المقتدر فحمته من ابن الفرات .

الصفحة 34