كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 35 """"""
وفيها غزا مؤنس المظفر بلاد الروم فغنم وفتح حصوناً وغزا ثمال في البحر فغنم من السبي ألف رأس ، ومن الغنم ألف رأس ، ومن الذهب والفضة شيئاً كثيراً .
وفيها دخل القرمطي البصرة وقتل عاملها وأقام بها سبعة عشر يوماً يقتل وينهب ويأسر .
ودخلت سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة : في هذه السنة ظهر في دار الخليفة إنسان أعجمي عليه ثياب فاخرة وتحته مما يلي بدنه قميص صوفٍ ومعه قداحةً وكبريت ودواة وأقلام وسكين وكاغد ، وفي كيس سويق وسكر وحبل طويل من القنب ، فأحضر إلى ابن الفرات الوزير فسأله عن حاله فقال : لا أخبر إلا صاحب الدار فأمر بضربة ليقر فقال : بسم الله بدأتم بالشر ولزم هذا القول ثم جعل يقول بالفارسية ما معناه لا أدري ثم أمر به فأحرق ، وأنكر ابن الفرات على نصر الحاجب هذا الحال وعظم الأمر بين يدي المقتدر ونسبه إلى أنه أخفاه ليقتل المقتدر ، وتفاوضاً فقال الحاجب : لم أسعى في قتل أمير المؤمنين وقد رفعني من الثرى إلى الثريا ؟ إنما يسعى في قتله من صادره وأخذ أمواله وضياعه وأطال حبسه وفيها أخذ القرمطي الحاج بعد عودتهم من الحجاز - وكان لأبي الهيجاء طريق مكة - فسار إلى القرمطي فأوقع به ، وأسر أبو الهيجاء وأحمد بن كشمرد ونحرير وأحمد بن بدر عم والدة المقتدر وغيرهم ، وأخذ القرمطي جمال الحاج جمعيها وما أراد من الأمتعة والأموال والنساء والصبيان ، وعاد إلى هجر وترك الحاج في مواضعهم فمات أكثرهم جوعاً وعطشاً ، فاجتمع حرم المأخوذين إلى حرم المنكوبين الذين نكبهم ابن الفرات وجعلن ينادين : القرمطي الصغير قتل المسلمين بطريق مكة والقرمطي الكبير قتل المسلمين ببغداد وشنعوا عليه وكسر العامة منابر الجوامع وسدوا المحاريب يوم الجمعة لست خلون من صفر ، فضعفت نفس ابن الفرات وحضر عند المقتدر ليأخذ أمره فيما يصنع .