كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 37 """"""
إليه ابن الفرات وألان كلامه له فقال له : أنا الآن الأستاذ وكنت بالأمس الخائن الساعي في فساد الدولة وأخرجتني والمطر على رأسي ورؤوس أصحابي ولم تمهلني وسلم إلى شفيع اللؤلؤي فحبس عنده ، وكانت مدة وزارته هذه عشرة أشهر وثمانية عشر يوماً ، وأخذ أصحابه وأولاده ولم ينج منهم إلا المحسن ، وصودر ابن الفرات على ألف ألف دينار .
ذكر وزارة أبي القاسم الخاقاني
قال : ولما تغير حال ابن الفرات سعى عبد الله بن أبي علي محمد بن عبد الله بن يحيى بن خاقان في الوزارة ، وكتب خطه أنه يتكفل ابن الفرات وأصحابه بمصادرة ألفي ألف دينار .
وسعى له مؤنس الخادم وهارون بن غريب الخال ونصر الحاجب فتولى أبو القاسم الوزارة في تاسع شهر ربيع الأول ، وكان المقتدر يكرهه فلما سمع ابن الفرات وهو محبوس بولايته قال : الخليفة هو الذي نكب لا أنا يعني أن الوزير عاجز لا يعرف أمر الوزارة ، ولما ولي الخاقاني شفع إليه مؤنس الخادم في إعادة علي بن عيسى من صنعاء إلى مكة فكتب بإعادته وأذن له في الإطلاع على أعمال مصر والشام .
ذكر مقتل ابن الفرات وولده
قال كان المحسن بن الوزير أبي الحسن بن الفرات مختفياً كما ذكرنا ، وكان عند حماته خنزابة - وهي والدة الفضل بن جعفر بن الفرات - وكانت تأخذه كل يوم وتتوجه به إلى المقبرة في زي النساء وتعود به إلى المنازل التي تثق بها ، فمضت به يوماً إلى مقابر قريش . وأدركها الليل فبعدت عليها الطريق وأشارت عليها امرأة معها أن تقصد امرأة صالحة تعرفها بالخير ، فأخذته وقصدت به تلك المرأة وقالت لها : معنا صبية بنت بكر نريد منك بيتاً تكون فيه فأمرتهم بالدخول إلى بيتها وسلمت إليهم قبة في الدار ، فأدخلوا المحسن إليها ، وجلس النساء الذين معه في صفه أمام القبة ، فجاءت جارية سوداء فرأت المحسن فأخبرت مولاتها أن في الدار رجلاً ، فجاءت المرأة صاحبة الدار فرأته وعرفته - وكان المحسن قد أخذ زوجها ليصادره فلما رأى الناس يعذبون في داره مات فجأة - فلما رأت المرأة المحسن ركبت في سفينة وقصدت دار الخليفة وقالت عندي نصيحة .

الصفحة 37