كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 43 """"""
تغايروا على غلام أمرد وتضاربوا بالعصي ، فضرب نازوك ساسة هارون وحبسهم . فسار أصحاب هارون إلى مجلس الشرطة ، ووثبوا على نائب نازوك وانتزعوا أصحابهم من الحبس ، فركب نازوك وشكا إلى المقتدر بالله فقال : كلاكما عزيز ولست أدخل بينكما فعاد وجمع رجاله وجمع هارون رجاله ، وزحف أصحاب نازوك إلى دار هارون فأغلق بابه ، وبقي بعض أصحابه خارج الدار فقتل فيهم أصحابُ نازوك وجرحوا . ففتح هارون الباب ، وخرج أصحابهُ فوضعوا السلاح في أصحاب نازوك ، فقتلوا منهم وجرحوا ، واشتبكت الحربُ بينهم . وأرسل المقتدر ينكر عليهما ذلك فكفا ، وسكنت الفتنة ، واستوحش نازوك . ثم ركب إليه هارون وصالحه ، وخرج بأصحابه ونزل بالبستان النجمي ليبعد عن نازوك ، فأكثر الناس الأراجيف وقالوا : قد صار هارون أمير الأمراء فعظم ذلك على أصحاب مؤنس وكتبوا له بذلك وهو بالرقة ، فأسرع العود إلى بغداد ، ونزل بالشماسية في أعلى بغداد . ولم يلق المقتدر فصعد إليه أبو العباس بن المقتدر والوزير ابن مقلة فأبلغاه سلام المقتدر واستيحاشه له ثم عادا واستشعر كل من المقتدر ومؤنس من صاحبه فأحضر المقتدر هارون بن غريب الخال - وهو ابن خاله - فجعله معه في داره . فلما علم مؤنس بذلك ازداد نفوراً واستيحاشاً وأقبل أبو الهيجاء بن حمدان من بلاد الجبل في عسكر كبير فنزل عند مؤنس وترددت المراسلات من الخليفة إلى مؤنس ، وانقضت السنة وهم على ذلك .
ودخلت سنة سبع عشرة وثلاثمائة :
ذكر خلع المقتدر بالله وبيعة القاهرة
في هذه السنة خلع المقتدر بالله من الخلافة وبويع أخوه القاهر بالله محمد بن المعتضد ، فبقي يومين ثم أعيد المقتدر بالله . قال : ولما نزل مؤنس باب الشماسية وانظم إليه ابن حمدان ونازوك صاحب الشرطة وغيرهما جمع المقتدر عنده هارون بن غريب وأحمد بن كيغلغ والغلمان الحجرية والرجالة المصافية وغيرهم . فلما كان آخر النهار مستهل المحرم انفض أكثر من عند المقتدر ، وخرجوا إلى مؤنس ثم كتب إلى