كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 48 """"""
ودخلت سنة ثماني عشرة وثلاثمائة :
ذكر هلاك الرجالة المصافية
في هذه السنة هلك الرجالة المصافية في المحرم . وسب ذلك أنهم لما أعادوا المقتدر إلى الخلافة - كما ذكرنا - زاد إدلالهم واستطالتهم ، وصاروا يقولون أشياء لا يحتملها الخلفاء ، منها أنهم يقولون : من أعان ظالماً سلط عليه ، ومن يصعد الحمار إلى السطح يقدر أن يحطه وإن لم يفعل المقتدر معنا ما نستحقه قابلناه بما يستحق إلى غير ذلك ، وكثر شغبهم ومطاولتهم وأدخلوا في الأرزاق أولادهم وأهليهم ومعارفهم وأثبتوا أسماءهم ، فصار لهم في الشهر مائة ألف وثلاثون ألف دينار .
واتفق أن الفرسان شغبوا في طلب أرزاقهم فقيل لهم إن بيت المال فارغ وقد انصرفت الأموال إلى الرجالة ، فثار بهم الفرسان واقتتلوا فقتل من الفرسان جماعة فاحتج المقتدر على الرجالة بقتلهم وأمر محمد ابن ياقوت صاحب الشرطة فطرد الرجالة من دار المقتدر ونودي فيهم بخروجهم عن بغداد ومن أقام حبس ، وهدمت دور عرفائهم وقبضت أملاكهم ، وظفر بعد النداء بجماعة منهم فضربهم وحلق لحاهم وشعورهم وشهرهم . وهاج السودان تعصباً للرجالة فركب محمد أيضاً في الحجرية وأوقع بهم وأحرق منازلهم ، فاحترق فيها جماعة منهم ومن أولادهم ونسائهم ، فخرجوا إلى واسط . واجتمع منهم جمع كبير وتغلبوا عليها وطردوا عامل الخليفة ، فسار إليهم مؤنس فأوقع بهم وأكثر القتل فيهم ، فلم يقم لهم بعدها قائمة .
ذكر عزل ابن مقلة ووزارة سليمان
في هذه السنة عزل أبو علي محمد بن مقلة عن وزارة الخليفة . وكان سبب عزله أن المقتدر كان يتهمه بالميل إلى مؤنس المظفر وكان المقتدر مستوحشاً من مؤنس ويظهر له الجميل ، فاتفق أن مؤنساً خرج إلى أواناً و عكبراً ، فركب ابن

الصفحة 48