كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 51 """"""
المقتدر بالقبض عليه وكان المقتدر يميل إلى وزارة الحسين بن القاسم ، فامتنع مؤنس من الموافقة عليه وأشار بتوليه أبي القاسم الكلوذاني فاستوزره المقتدر بالله لثلاث بقين من شهر رجب ، فكانت وزارة سليمان سنة واحدة وشهرين ، ولم يستمر الكلوذاني في الوزارة غير شهرين وثلاثة أيام .
ذكر عزل الكلوذاني ووزارة الحسين
في هذه السنة عزل أبو القاسم الكلوذاني عن وزارة الخليفة ، ووزر الحسين بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب . وكان سبب ذلك أنه كان ببغداد إنسان يعرف بالدانيالي وكان زرافاً ذكياً محتالاً ، فكان يعتق الكاغد ويكتب فيه أشياء قد وقعت فيما مضى من الزمان وأشياء تقع في المستقبل ويرى ذلك للناس . واتصل بهذا الدانيالي بمفلح الخادم وأظهره على أشياء استماله بها . فتوصل الحسين لهذا الرجل حتى جعل اسمه في جملة كتابٍ وضعه وعتقه ، وذكر فيه علامة في وجهه وما فيه من الآثار ويقول إنه يزر للخليفة الثامن عشر من الخلفاء العباسيين وتستقيم الأمور على يديه ويقهر الأعادي وذكر في هذا الكتاب حوادث وقعت وحوادث تقع في المستقبل ، ونسب ذلك إلى دانيال . وقرأ الكتاب على مفلح فأخذه منه وأوقف المقتدر عليه فقال له : أتعرف في الكتاب من هو بهذه الصفة ؟ فقال : ما أعرف إلا الحسين بن القاسم قال : صدقت ، قلبي يميل إليه ، فإن جاءتك رقعة منه فاعرضها على واكتم حاله .
فخرج مفلح إلى الدانيالي وقال : هل تعرف في الكتاب من هو بهذه الصفة ؟ قال : لا قال : فمن أين لك هذا الكتاب ؟ قال : ورثته عن أبي ، وورثه أبي عن آبائه ، وهو من ملاحم دانيال عليه السلام فأعاد ذلك إلى المقتدر بالله فقبله . فكتب الحسين رقعة إلى مفلح وهو يطلب الوزارة فكان ذلك من أعظم الأسباب لوزارته مع كثرة الكارهين له . ثم اتفق أن الكلوذاني عمل حسبة بما يحتاج إليه من النفقات وما لهم من الأموال وعليها خطوط الدواوين فبقي يحتاج إلى سبعمائة ألف دينار لا جهة لها ، فعرضها على المقتدر وقال : ليس لهذه جهة إلا ما يطلقه أمير المؤمنين من بيت المال الخاصة فعظم ذلك على المقتدر ، وكتب الحسين رقعة عندما بلغه ذلك سأل فيها