كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 52 """"""
الوزارة وأنه يضمن جميع النفقات ويستخرج سوى ذلك ألف ألف دينار تكون في بيت المال ، فاستقال الكلوذاني ، فعزل لليلتين بقيتا من شهر رمضان ، واستوزر المقتدر بالله الحسين بن القاسم في هذا التاريخ .
ذكر تأكيد الوحشة بين مؤنس والمقتدر
في هذه السنة في ذي الحجة تجددت الوحشة بينهما وسبب ذلك أن مؤنساً بلغه أن الوزير قد وافق جماعة من القواد في التدبير عليه فتنكر له مؤنس . وبلغ الوزير أن مؤنساً يريد أن يكبس داره ليلاً ويقبض عليه ، فتنقل في عدة مواضع ثم انتقل إلى دار الخلافة . وطلب مؤنس من المقتدر عزل الحسين ومصادرته فأجابه إلى عزله ولم يصادره ، وأمر الحسين بلزوم داره فلم يقنع مؤنس بذلك فبقي في وزارته ، فأوقع الحسين عند المقتدر أن مؤنساً يريد أخذ ولده أبي العباس ويسيره إلى الشام ويبايع له ، فرده المقتدر إلى دار الخلافة فعلم ذلك أبو العباس ، فلما أفضت إليه الخلافة فعل بالحسين ما نذكره إن شاء الله تعالى . وكتب الحسين إلى هارون - وهو يريد العاقول - بعد انصرافه من حرب مرداويج وانهزامه وهو بالمقدمة إلى بغداد ، وكتب إلى محمد بن ياقوت - وهو بالأهواز - يأمره بالإسراع إلى بغداد ، فصح عند مؤنس أن الوزير يدبر عليه وزاد مؤنساً نفاراً .
ودخلت سنة عشرين وثلاثمائة :
ذكر مسير مؤنس إلى الموصل
في هذه السنة في المحرم سار مؤنس المظفر إلى الموصل مغاضباً ، للمقتدر لما صح عنده إرسال الوزير إلى هارون بن غريب الخال ومحمد بن ياقوت يستحضرهما . قال : وسير مؤنس خادمه بشرى برسالة إلى المقتدر ، فسأله الحسين عن الرسالة فقال : لا أذكرها إلا أمير المؤمنين . فأنفذ إليه المقتدر يأمره بذكر رسالته للوزير فامتنع وقال : ما أمرني صاحبي بهذا فسبه الوزير وشتم صاحبه وأمر بضربه وصادره بثلاثمائة ألف دينار وأخذ خطه بها وحبسه ونهب داره . فلما بلغ مؤنساً ما جرى على خادمه وكان ينتظر أن المقتدر يطيب قلبه ويعيده ، سار ومعه جميع قواده ومماليكه ، ومعه من الساجية ثمانمائة رجل . فتقدم الوزير بقبض إقطاع مؤنس وأملاكه وأملاك من معه ، فحصل من ذلك أموالاً عظيمة فزاد ذلك في محله عند المقتدر ولقبه عميد الدولة وضرب اسمه على الدنانير والدراهم وتمكن من الوزارة وولي وعزل ثم أخذ في التهوير فعزله المقتدر بالله .