كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 6 """"""
وسار المكتفي حتى نزل الرقة ، وسير الجيوش إليه وجعل أمرهم إلى محمد بن سليمان الكاتب ، وكان للقرامطة حروب كثيرة ووقائع نذكرها - إن شاء الله تعالى - في أخبارهم .
وفيها أراد المكتفي البناء بسامراء ، وخرج إليها ومعه الصناع فقدروا ما تحتاج إليه فكان ما لا جزيلاً ، فعظم الوزير ذلك عليه وصرفه عنها ، ورجع إلى بغداد . . . وحج بالناس الفضل بن عبد الملك بن عبد الله بن عبيد الله العباسي .
ودخلت سنة إحدى وتسعين ومائتين : في هذه السنة سار من طرسوس غلام زرافة نحو بلد الروم ففتح مدينة أنطاكية عنوة بالسيف ، فقتل خمسة آلاف وأسر نحوهم ، واستنقذ من الأساري خمسة آلاف ، وأخذ لهم ستين مركباً حملها ما غنم من الأموال ، وقدر نصيب كل رجل فكان ألف دينار .
وفيها مات الوزير القاسم بن عبيد الله بن سليمان . وحج بالناس في هذه السنة الفضل بن عبد الملك .
ودخلت سنة اثنتين وتسعين ومائتين : في هذه السنة انقرضت الدولة الطولونية ، واستولى المكتفي بالله على ما بأيديهم بمصر والشام .
وأرسل محمد بن سليمان الكاتب إلى مصر بمواطأة قواد هارون بن خماروية فتوجه ، وقاتله هارون فقتل هارون ، واستولى ابن سليمان على مصر ، على ما نذكر ذلك مبيناً - إن شاء الله تعالى - في أخبار الدولة الطولونية .
قال : وكتب ابن سليمان بالفتح إلى المكتفي بالله ، فأمر بأشخاص آل طولون إلى بغداد ففعل ذلك ، وولى معونة مصر عيسى النوشري . ثم ظهر بمصر رجل يعرف بالخليجي - وهو من قواد الدولة الطولونية - فخالف على الخليفة وكثر جمعه ، وعجز النوشري عنه فتوجه إلى الإسكندرية ، ودخل إبراهيم الخليجي مصر . فسير إليه المكتفي الجنود مع فاتك - مولى المكتفي - وبدر الحماص ، فساروا في شوال فوصلوا حدود مصر في صفر سنة ثلاث وتسعين . وتقدم أحمد بن كيغلغ في جماعة من

الصفحة 6