كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 10 """"""
وسأله أن يبعث معه جيشاً من العرب . فوجه معه معاوية بن حديج في جيش كثيف . فلما انتهى إلى الإسكندرية هلك جناحة .
ومضى ابن حديج حتى انتهى إلى إفريقية ، وهي حرب ، وقد صارت ناراً . وكان في عسكره عبد الملك بن مروان ، ويحيى بن الحكم ، وكريب بن إبراهيم بن الصباح ، وخالد بن ثابت الفهمي . وقيل : كان معه عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الله ابن الزبير ، وأشراف من جند الشام ومصر . فقدم ولا يشك أهل إفريقية أن جناحة معه . فنزل معاوية غربي قمونية في سفح جبل على عدة فراسخ منها . فأصابه فيه نوء شديد فقال : إن جبلنا هذا للممطور فسمّى الجبل ممطوراً إلى اليوم . ثم قال : اذهبوا بنا إلى ذلك القرن فسمي أيضاً القرن .
وبعث ملك الروم بطريقاً يقال له نجفور في ثلاثين ألف مقاتل . فنزل على ساحل البحر بسنطبرية . فبعث ابن حديج إليه خيلاً . فقاتلوه فانهزم وأقلع في البحر .
وقاتل معاوية أهل جلّولاء على باب المدينة . فكان يقاتلهم صدر النهار ، فإذا مال الفيء انصرف إلى معسكره بالقرن . فقاتلهم ذات يوم . فلما انصرف نسي عبد الملك بن مروان قوساً له معلقة بشجرة . فانصرف ليأخذها ، وإذا جانب المدينة قد انهدم . فصاح في أثر الناس فرجعوا . وكانت بينهم حرب شديدة وقتال عظيم حتى دخلوا المدينة عنوة ، واحتووا على جميع ما فيها ، وقتلوا المقاتلة ، وسبوا الذرية . وقيل : بل كان معاوية بن حديج مقيماً بالقرن وبعث عبد الملك بن مروان إلى جلولاء ، في ألف فارس . فحاصرها أياماً فلم يظفر بها . وانصرف الناس منكسرين فلم يسر إلا يسيراً حتى رأى في ساقه الناس غباراً كثيراً ، فظنوا أن العدو قد اتبعهم . فرجعوا فإذا مدينة جلولاء قد وقع حائطها من جهة واحدة . فانصرف المسلمون إليها فقتلوا من فيها وغنموا وسبوا . وانصرف عبد الملك إلى معاوية وهو معسكر بالقرن

الصفحة 10