كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 100 """"""
برمحه بين كتفيه فأخرجه من بين ثدييه . فسقط إلى الأرض . ثم أتي بابنه يوسف . فصارح واستغاث وقال : " العفو " . فضربه المنصور برمحه ، وضربه ماكسن ابن زيري ، وضربه سائر من حضر . فماتا جميعاً .
ولما قتلا جاء القاضي وشيوخ القيروان واجتمعوا بالمنصور . فقال لهم " ما قتلت عبد الله على مال ولا شيء اغتنمه وإنما خفته على نفسي فتقلته " . فدعوا له بطول البقاء ثم انصرفوا . ودفن عبد الله وابنه بغير غسل ولا كفن وإنما رد عليهما التراب في اسطبل كان للمنصور تحت الحنايا بالقرب من قصره .
قال : وولي المنصور بعده إفريقية يوسف بن أبي محمد ، وكان على قفصة . فأتي يوم الخميس لخمس خلون من شعبان . فأعطاه المنصور الطبول والبنود ، وخلع عليه ثيابه وأنزله في دار القائد جوهر . فولى إلى سنة اثنتين وثمانين : ثم عزله يوم الأحد لسبع بقين من شهر ربيع الأول ، وولي أبا عبد الله محمد بن أبي العرب الكاتب .
ذكر أخبار أبي الفهم حسن بن نصرويه الخرساني
كان أبو الفهم رجلاً خراسانيّاً قدم في سنة ست وسبعين وثلاثمائة من مصر من قبل نزار داعياً . فأنزله يوسف بن عبد الله وأجري عليه جرايات جليلة . وأعطاه أموالاً سنية وبره وأكرمه . فطلب أبو الفهم الخروج إلى بلد كتامة يدعوهم وينتهي إلى ما أمره به نزار ووجهه إليه ، فكاتب يوسف أباه . فكتب إليه عبد الله أن أعطه ما أراد واتركه يذهب حيث يشاء . فأعطاه يوسف ما طلب ، وحمله على أفراس بسروج محلاة ، وحمل بين يديه تخوت ثياب وبدر دراهم .
وتوجه إلى بلد كتامة فوصل إليهم ودعاهم . ثم تزايدت أموره حتى صار يجمع العساكر ويركب الخيل . وعمل بنوداً وضرب سكة واجتمع إليه خلق نمكثير من كتامة ، وكان هذا من الأسباب التي حقدها المنصور على عبد الله وابنه .

الصفحة 100