كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 106 """"""
ثم توفى زيري بن عطية الزناتي بعد ذلك بتسعة أيام .
وفي سنة خمسة وتسعين ، اشتد الغلا بإفريقية وأعقبه وباء عظيم . وكان يدفن في اليوم الألف والأكثر والأقل .
وفي سنة أربعمائة مات فلفل بن سعيد الزناتي من علة أصابته . وولي أخوه ورّو ، فأطاعته زناتة . ثم سار باديس في عساكر عظيمة لقتال زناتة . فلقيه في بعض الطريق عبد الله وسواشي أولاد ينال التركي وأصحابهما . فعرفوه أنهم لما علموا بخروجه أغلقوا أبواب طرابلس ومنعوا الزناتيين منها . فسر بذلك ووصلهم وأحسن إليهم . وسار إلى طرابلس فتلقاه أهلا فدخلها . ثم جاءته رسل ورو ابن سعيد ومن معه من الزناتيين ، يرغبون في الأمان ، ويسألون أن يجعلوا عمالاً كسائر رجال الدولة . ووصل جماعة منهم ، فأحسن إليهم ، وأعطاهم نفزاوة على أنهم يرحلون من أعمال طرابلس . وأعطى النّعيم قصطيلية . ورجع إلى المنصورية .
ثم تغير ورور ومن معه وخلعوا الطاعة في سنة إحدى وأربعمائة ، ورحلوا عن نفزاوة . ولم يتغير النعيم . فأضاف باديس نفزاوة إلى النعيم .
وفي سنة خمس وأربعمائة ، وصلت رسل الحاكم بأمر الله إلى المنصورية ، وهما عبد العزيز بن أبي كدية وأبو القاسم بن حسين ، ومعهما خلع سنية ، وسيف مكلّل ، وسجل من الحاكم إلى المنصور بن باديس بولاية ما يتولاه أبوه في حياته وبعد وفاته ، ولقّبه عزيز الدولة . فقريء السجل على الناس بالمنصورية والقيروان . وسرّ باديس به . وتقرب وجوه الدولة إلى المنصور بالهدايا الجليلة والأموال .
ذكر خلاف حماد بن يوسف وأخيه إبراهيم على ابن أخيهما الأمير باديس
قال : كان سبب ذلك أنه - لما وصل سجل الحاكم إلى المنصور ابن باديس ولقّب - أراد أبوه أن يقدمه ويرفع قدره ، ويضيف إليه أعمالاً يستخدم له فيها أتباعه وصنائعه . وكانت قد اتصلت به عن حماد أمور أنكرها وأراد اختبار حقيقة ما هو عليه . فكتب إليه كتاباً لطيفاً يأمره فيه أن يسلم العمل الذي بيد أبي زعبل ، وهو مدينة

الصفحة 106