كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 107 """"""
تيجس وقصر الإفريقي وقسنطينة إلى خليفة ولده المنصور . ودعا باديس هشام بن جعفر فخلع عليه وأعطاه الطبول والبنود . وأمره بالخروج إلى هذا العمل . فخرج بخزائن وعدد .
وبعث باديس إلى عمه إبراهيم بن يوسف بشاوره : من يمضي بالكتاب إلى حماد ؟ فقال إبراهيم : لا يجد سيدنا من عبيده أنصح له ولا أنهض بخدمته مني . وضمن ذلك وأكد على نفسه العهود والمواثيق تبرعاً منه . وذكر أنه لا يقيم في مضيه وعوده بإحكام هذا الأمر إلا أقل من عشرين يوماً . فأشار على باديس ثقاته أن يعتقل إبراهيم حتى يرى ما يكون من طاعة أخيه . فأبت نفسه ذلك ، وقال له : امض إلى أخيك يا عم . فإن كنت صادقاً فيما عقدته على نفسك ووفيت بعهدك ، وإلا فاجعل يدك في يده وافعلا ما تقدران عليه وتستطيعانه . فخرج إبراهيم بمال جملته أربعمائة ألف دينار عيناً وبجميع خزائنه وذخائره ورجاله وعبيده وكان خروجه على تلك الحال من أدل الأشياء على نفاقه . وذلك لإحدى عشرة ليلة بقيت من شوال سنة خمس وأربعمائة . وصحبه هاشم بن جعفر ، وقد أضمر إبراهيم الغدر إذا صار إلى الموضع الذي يدخل منه إلى عمل أخيه . فلما قرب منها ترك هاشماً واعتذر إليه بأشغال له بباجة ، وعدل إلى طريقها ، ووعده أن يلحق به . ومضى إبراهيم حتى وصل إلى مدينة تامديت فكاتب أخاه حماداً بالذي في نفسه . فوصل إليه في ثلاثين ألف فارس . فاجتمعت كلمتهما على خلع الطاعة وأظهرا النفاق .
فانتهى ذلك إلى باديس فرحل لخمس خلون من ذي الحجة منها . ونزل رقادة ووضع العطاء . ثم رحل بعد عيد الأضحى وكتب إلى هاشم بن جعفر أن يصعد إلى قلعة شقبنارية فيتحصن بها ففعل . فحاصره حماد وإبراهيم بها . ووقع بينهم قتال شديد فانهزم هاشم ومن معه إلى باجة . واحتوى حماد وإبراهيم على جميع ما كان معه من الأموال والخزائن والأثقال والخدم ، ونجا هو بأولاده ووجوه أصحابه .

الصفحة 107