كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 130 """"""
وفي سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ، فتح تميم جزيرة جربة وجزيرة قرقنة ومدينة تونس . وكان بإفريقية غلاء شديد هلك فيه كثير من الناس . وفي سنة ثلاث وتسعين ، فتح تميم مدينة سفاقس . وخرج منها حمو بن مليل هاربا فقصد مكن بن كامل الدّهماني ، فأحسن إليه وأقام عنده حتى مات . وكان حمو قد تغلب عليها واشتد أمره بوزير كان عنده من كتاب المعز حسن الرأي والتدبير والسياسة ، فاستقامت به دولته وعظم شأنه فأرسل إليه تميم وبالغ في استمالته ووعده بكل جميل فلم يقبل . فاشتد أمره على تميم فسير جيشاً إلى حصار سفاقس . وأمر مقدم الجيش أن يهدم ما حول المدينة ويحرقه ويقطع الأشجار سوى ما يتعلق بذلك الوزير ، فإنه لا يتعرض إليه ويبالغ في صيانته ، ففعل ذلك . فلما رأى حمو ذلك اتهمه وقتله . فانحل نظام دولته وتسلم عسكر تميم البلد .
وفي سنة ثمان وتسعين وأربعمائة ، مات المنصور بن الناصر بن علناس ، وولي بعده ولده باديس . ثم مات بعد يسير فولى أخوه العزيز بالله .
ذكر وفاة تميم بن المعز
كانت وفاته في شهر رجب سنة إحدى وخمسمائة ، وله من العمر تسع وسبعون سنة ، ومدة ولايته سبع وأربعون سنة وعشرة أشهر وعشرون يوماً .
وكان شهماً شجاعاً كريماً حليماً كثير العفو عن الجرائم العظيمة ذكياً حسن الشعر . فمن شعره ما قاله وقد وقع حرب بين طائفتين من العرب ، وهما عدي ورياح فقتل رجل من رياح ثم اصطلحوا وأهدروا دمه ، وكان صلحهم مما يضر بتميم وبلاده ، فقال أبياتاً يحرض فيها على الطلب بدم المقتول ، وهي :
متى كانت دماؤكم تطل . . . أما فيكم بثأر مستقل
أغانم ثم سالم إن فشلتم . . . فما كانت أوائلكم تذل
ونمتم عن طلاب الثأر حتى . . . كأن العز فيكم مضمحل
وما كسرتم فيه العوالي . . . ولا بيض تفلّ ولا تسل

الصفحة 130