كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 132 """"""
هو والشريف أبو الحسن . فلما رأى الكيميائية المكان خالياً ثاروا بيحيى . فضربه أحدهم على رأسه ، فوقعت السكين في عمامته فلم تصنع شيئاً . ورفسه يحيى فألقاه على ظهره . ودخل يحيى باباً وأغلق على نفسه . وضرب الثاني الشريف فقتله . وأخذ إبراهيم القائد السيف فقاتل الكيميائية . ورفع الصوت فدخل أصحاب الأمير يحيى فقتلوا أولئك . وكان زيهم زي أهل الأندلس ، فقتل جماعة في البلد على مثل زيهم . وقيل ليحيى : إن هؤلاء رآهم بعض الناس عند المقدم بن الخليفة . واتفق أن الأمير أبا الفتوح إبراهيم أخا يحيى وصل في تلك الساعة إلى القصر ، في أصحابه وقد لبسوا السلاح . فمنع من الدخول . فثبت عند يحيى أن ذلك بوضع منهما . فأحضر المقدم بن خليفة وأمر أولاد أخيه فقتلوه قصاصاً ، لأنه كان قد قتل أباه . وأخرج الأمير أبا الفتوح وزوجته إلى قصر زياد بين المهدية وسفاقس ، ووكل بهما . فبقي هناك حتى مات يحيى وولي ابنه علي . فسيّره إلى ديار مصر في البحر .
وفي سنة أربع وخمسمائة ، أنفذ ابنه أبا الفتوح والياً على مدينة سفاقس . فقام أهلها عليه فنهبوا قصره وهمّوا بقتله . فلم يزل يحيى يعمل الحيلة حتى فرق كلمتهم وبدد شملهم وملك رقابهم وملأ السجون منهم . ثم عفّ عن دمائهم وعفا عن ذنوبهم .
وفي أيام يحيى وصل إلى المهدية من طرابلس المهدي محمد بن تومرت ، وكان كتب إليّ السريّ ، عن شعيب ، عن سيف ، أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى .
وفاة يحيى بن تميم
وشيء من أخباره كانت وفاته فجأة يوم عيد الأضحى سنة تسع وخمسمائة . وكان منجمه قد قال له في تسيير مولده : إن عليه قطعاً في هذا اليوم . ومنعه من الركوب فلم يركب وخرج أولاده وأهل بيته وأرباب دولته إلى المصلى . فلما انقضت الصلاة حضروا للسلام عليه وتهنئته .
وقرأ القراء وأنشد الشعراء وانصرفوا إلى الطعام . فقام يحيى من باب آخر ليحضر معهم على الطعام . فلم يمش غير ثلاث خطوات ووقع ميتاً رحمه الله .
وكان عادلاً في رعيته ، ضابطاً لأمور دولته ، مدبراً لجميع أمواله ، رحيماً بالضعفاء والفقراء كثير الصدقة ، يقرب أهل العلم والفضل . وكان عالماً بالأخبار وأيام الناس والطب . وكان حسن الوجه ، أشهل العينين ، مائلاً في قدّه إلى الطول .

الصفحة 132