كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 134 """"""
الناس في البحر . وجعل قائد الأسطول القائد إبراهيم قائد جيشه ، وأصحبه جماعة من رجال الدولة . فمضوا إليها وحاصروها وضيقوا على أهلها ، حتى أذعنوا للطاعة ونزلوا على الحكم والتزموا الكف عن الفساد . فأمن من يسافر في البحر .
وفي سنة عشر وخمسمائة ، جهز جيشاً إلى مدينة تونس ، وبها أحمد بن خراسان . فحاصرها وضيق على من بها . فصالح ابن خراسان السلطان على ما أراد .
وفتح أيضاً في هذه السنة جبل وسلات واستولى عليه . وهو جبل منيع لم يزل أهله طول الدهر يقطعون الطريق ويقتلون الناس . فملكه وقتل من فيه . وفي سنة إحدى عشرة وخمسمائة ، حاصر الأمير على مدينة قابس في البحر . وسبب ذلك أن رافع بن مكن الدهماني أنشأ مركباً بساحلها ، وقصد إجراءه في البحر في آخر أيام يحيى فلم ينكر ذلك وأعانه بالخشب والحديد . وتوفي يحيى قبل إكماله . فلما ولي على أنف من ذلك . فعمر ست حربيات وأربع شوان . فاستعان رافع برجار صاحب صقلية فانفذ رجالا لإعانته أصطولاً جملته أربعة وعشرون شينياً ، لتأخذ المركب معها ونشيعه إلى صقلية لئلا تقطع عليه مراكب علي . فلما اجتاز أصطول رجار بالمهدية ، أخرج على الحربيات والشواني تتبعه إلى قابس ، فتوافوا بها . فرجع أسطول رجار إلى صقلية وبقي أصطول علي يحاصر قابس . فضيق على من بها وأثر في أجلها وأفسد ثم رجع إلى المهدية . وتمادى رافع في إظهار المخالفة والتمسك بصاحب صقلية .
ذكر حصار رافع المهدية وانهزامه
قال : ثم أقبل رافع بن مكن الدهماني على جميع قبائل العرب وحالفهم . وسار بهم لحصار المهدية ونازلها . فأمر على العسكر بالخروج وقتاله . فخرجوا عشية النهار فحملوا على رافع ومن معه حتى أزالوهم عن مواقفهم . ووصل الجند إلى أخبية العرب . فصاح الحريم : هكذا نسبي ، هكذا نستباح . فعادت العرب ونشبت الحرب واشتد القتال إلى المغرب . ثم افترقوا ، وقد قتل من عسكر رافع خلق كثير ، ولم يقتل من أصحاب علي إلا رجل واحد . ثم خرج إليهم الجند مرة ثانية واقتتلوا . فكان الظهور لأصحاب علي .

الصفحة 134