كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 138 """"""
قال : ولما استقر جرجي بالمهدية سير أسطولاً بعد أسبوع إلى مدينة سفاقس ، وأسطولاً إلى مدينة سوسة . فأما سوسة فإن أهلها لما سمعوا خبر المهدية - وكان علي بن الحسن والياً عليها - فخرج إلى أبيه ، وخرج الناس لخروجه . فدخلها الفرنج بغير قتال في ثاني عشر صفر منها . أما سفاقس فإن أهلها أتاهم كثير من العرب فامتنعوا بهم . فقاتلهم الفرنج فخرج إليهم أهل البلد . فأظهر الفرنج الهزيمة وتبعهم المسلمون حتى أبعدوا عن البلد . ثم عطفوا عليه فانهزم قوم إلى البلد ، وقوم إلى البرية ، وقتل منهم جماعة . ودخل الفرنج البلد بعد قتال شديد وقتلى كثيرة . وأسر من بقي من الرجال وسبي الحريم . وذلك في الثالث عشر من صفر منها . ثم نودي بالأمان فعاد أهلها إليها . ووصلت كتب من رجار صاحب صقلية بالأمان إلى جميع أهل إفريقية ، والمواعيد الحسنة . وصار للفرنج من طرابلس الغرب إلى قريب تونس ، ومن المغرب إلى دون القيروان .
ذكر انقراض دولة بني زيري
من إفريقية وما اتفق للحسن بن علي بعد خروجه من المهدية
كان انقراض دولتهم من إفريقية بخروج الحسن بن علي بن يحيى بن تميم من المهدية ، وكان خروجه منها على ما قدمناه في ثاني صفر سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ، ومدة ملكه سبعاً وعشرين سنة وتسعة أشهر وتسعة أيام .
وعدة من ولي منهم تسعة ملوك ، وهم زيري بن مناد ، ثم ابنه يوسف بلكين ، ثم ابنه المنصور بن يوسف ، ثم ابنه باديس ابن المنصور ، ثم ابنه المعز بن باديس ، ثم ابنه تميم بن المعز ، ثم ابنه يحيى بن تميم ، ثم ابنه علي بن يحيى ، ثم ابنه الحسن ابن علي هذا ، وعليه انقرضت الدولة .
ومدة قيامهم منذ عمّر زيري بن مناد مدينة آشير في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وإلى هذا الوقت مائتي سنة وتسع عشرة سنة ، ومنذ تسلم يوسف بلكين بلاد المغرب من المعز لدين الله أبي تميم معد - عند رحيله إلى الديار المصرية على ما قدمناه - مائة سنة ، وإحدى وثمانين سنة وشهراً واحداً وتسعة أيام .
ولم يبق منهم ببلاد المغرب غير بني حماد ، وسنذكر انقراض دولتهم في أخبار عبد المؤمن إن شاء الله تعالى .

الصفحة 138