كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 139 """"""
ذكر ما اتفق للحسن بن علي بعد خروجه من المهدية
قال : لما خرج من المهديتة سار بأهله وأولاده ، وكانوا اثني عشر ذكراً غير الإناث . وقصد محرز بن زياد وهو بالمعلّقة فوصل إليه فلقيه لقاء جميلاً وتوجع لما حل به . وأقام عنده شهوراً والحسن كاره للمقام . وأراد المسير إلى ديار مصر إلى الحافظ العبيدي ، واشترى مركباً ليسافر فيه . فاتصل ذلك بجرجي الفرنجي المتغلب على ملكه ، فجهز شواني لأخذه . فرجع الحسن عن ذلك .
وقصد المسير إلى عبد المؤمن ببلاد المغرب يستنصر بهب على الفرنج . فأرسل ثلاثة من أولاده ، وهم يحيى وعلي وتمين ، إلى يحيى بن العزيز بالله ، وهو من بني حماد ، وهما بانا عم يرجعون كلهم في النسب إلى زيري بن مناد ، وكان يحيى هذا قد ولى بعد أبيه . واستأذنه في الوصول إليه ، وتجديد العهد به ، والمسير من عنده إلى عبد المؤمن . فأذن له يحيى في ذلك فسار الحسن إليه . فلما وصل إلى بلاده لم يجتمع به وسيره إلى جزيرة بني مزغنان هو وأولاده ووكل بهم من يمنعهم من التصرف . فبقوا هناك إلى أن ملك عبد المؤمن مدينة بجاية في سنة سبع وأربعين وخمسمائة . ثم صار من أصحاب عبد المؤمن وشهد معه فتح المهدية على ما نذكره إن شاء الله تعالى في أخبار عبد المؤمن .
ذكر ابتداء دولة الملثمين وأخبارهم ومن ملك منهم
كان ابتداء أمرهم - على ما حكاه عز الدين أبو محمد عبد العزيز ابن شداد بن الأمير تميم بن المعز بن باديس في تاريخه المترجم بالجمع والبيان في أخبار المغرب والقيروان بسند يرفعه إلى القاضي أبي الحسن علي بن فنون قاضي مراكش : أن رجلاً من قبيلة جدّالة من كبرائهم اسمه الجوهر أتى من الصحراء إلى بلاد المغرب طالباً للحج ، وذلك في عشر الخمسين وأربعمائة . وكان مؤثراً للدين ، محباً في الخير ، مكرماً للصالحين . فمر بفقيه يقرأ عليه مذهب الإمام مالك بن أنس وحوله جماعة . قال : والغالب أنه أبو عمران قاضي القيروان . فآوى إليه وأصغى إلى ما يذكر في

الصفحة 139