كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 141 """"""
قال : وكان بالصحراء قبائل العرب ، وهي لمتونة وجدالة ولمطة وانبيصر وايتواري ومسوفة وأفخاذ عدة ، وكل قبيلة قد حازت أرضاً تسرح فيها مواشيهم ، ويحمونها بسيوفهم . وهذه القبائل ينسبون إلى حمير ، ويذكرون أن أسلافهم خرجوا من اليمن في الجيش الذي أنفذه أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى الشام . واننقلوا إلى مصر ثم توجهوا إلى المغرب مع موسى بن نصير . وتوجهوا مع طارق إلى طنجة ثم اختاروا الانفراد فدخلوا الصحراء واستوطنوها وأقاموا بها .
قال : وسار الجوهر حتى انتهى بعبد الله إلى قبيلة جدالة . فخاطبهم عبد الله هم والقبائل المتصلة بهم . فمنهم من سمع وأطاع ومنهم من أعرض وعصى . ثم إن المخالفين لهم تحزبوا وانحازوا . فقال عبد الله للذين قبلوا منه الإسلام : قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء الذين خالفوا الحق وأنكروا دين الإسلام . فاستعدوا لقتالهم ، واجعلوا لكم حزباً ، وأقيموا لكم راية ، وقدموا لكم أميراً . فقال له الجوهر : أنت الأمير فقال عبد الله : لا يمكنني هذا إنما أنا حامل أمانة الشرع ، أقص عليكم نصوصه وأبين لكم طريقه ، وأعرّفكم سلوكه . ولكن أنت الأمير . فقال الجوهر : لو فعلت هذا لتسلطت قبيلتي على الناس ولعاثوا في الصحراء ، ويكون وزر ذلك عليّ . لا رأي لي في هذا . فقال عبد الله : فهذا أبو بكر بن عمر رأس لمتونة وكبيرها ، وهو رجل جليل القدر ، مشكور الحال ، محمود السيرة ، مطاع في قومه ، نسير إليه ونهرض تقدمة الإمرة عليه ، فلحب الرياسة يستجيب إلى ذلك بنفسه ، ولمكان الجاه ستجتمع إليه طائفة من قبيلته نقوي بها على عدونا . والله المستعان .
ذكر ولاية أبي بكر بن عمر اللمتوني
قال : فأتوا أبا بكر بن عمر فأجاب ، وعقدوا له راية وبايعوه بيعة الإسلام ، وتبعه زمة من قومه . وسماه عبد الله بن ياسين أمير المسلمين . ورجعوا إلى جدالة وجمعوا إليهم من أمكن من الطوائف الذين حسن إسلامهم ، ومن الأقوام الذين تألفت قلوبهم . وحرضهم عبد الله على الجهاد في سبيل الله ، وسماهم المرابطين . وتألبت عليهم أحزاب من الصحراء معاندين من أهل الشر والفساد ، وجيشوا لمحاربتهم . فلم يناجزهم الحرب ولا بادرهم بلقاء بل تلطف عبد الله

الصفحة 141