كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 143 """"""
وقتل بعضهم لبعض . ولا دية لهم في الدماء ، ولا حرمة عندهم للحريم ، ولا توقى بينهم في الأموال ، فأخبرتهم بالمفروض عليهم والمسنون لهم والمحدود فيهم . فمن قبل واليته ، ومن تولى أرديته ، وما تجاوزت حكم الله ولا تعديته . والسلام .
ذكر خروج الملثمين إلى السوس أولاً وثانياً ومقتل عبد الله بن ياسين
قال : وفي سنة خمسين وأربعمائة ، قحطت بلاد الملثمين ومات مواشيهم ولقوا شدة عظيمة . فأمر عبد الله ضعفاءهم بالخروج إلى السوس الأقصى وأخذ الزكاة . فخرجوا وقالوا : نحن مرابطون خرجنا إليكم من الصحار نطلب حق الله من أموالكم . فجمعوا لهم شيئاً له بال . فرجعوا به إلى الصحراء .
ثم ضاقت الصحراء بالمرابطين لشظفها وكثرتهم . فطلبوا إظهار كلمة الحق ، فخرجوا إلى السوس الأقصى . فتسامع بهم أهل بلاد السوس ، فاجتمعوا وجيشوا ، وخرجوا لقتالهم . وصدقوهم القتال ، فكسروهم . وقتل ابن ياسين ، وانهزم جيش المرابطين .
فجمع أبو بكر جيشاً وخرج إلى بلاد السوس ثانية في ألفي راكب . فاجتمع عليه من قبائل بلاد السوس وزناتة اثني عشر ألف فارس . فأرسل إليهم رسلاً وقال لهم : افتحوا لنا الطريق ، فما قصدنا إلا غزو المشركين . فأبوا ذلك واستعدوا للقتال . فنزل أبو بكر وصلى الظهر على درقته ثم قال : اللهم إن كنا على الحق فانصرنا عليهم ، وإن كنا على الباطل فأرحنا بالموت مما نحن فيه . ثم ركب ولقيهم فانهزموا . وقتل فيهم قتلاً ذريعاً ، واستباح أسلابهم وأموالهم وعددهم . فقويت نفسه ونفوس أصحابه .
ذكر استيلائه على مدينة سجلماسة
قال : ثم سار أبو بكر في أطراف البلاد إلى مدينة سلجماسة . فنزل عليها وطلب أصحابه من أهلها الزكاة . فقالوا لهم : إنكم لما أتيتمونا في عدد قليل وسعكم فضلنا . والآن فضعفاؤنا فيهم كثرة ، وقد آثرناكم سنين . وما هذه حالة من يطلب

الصفحة 143