كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 146 """"""
وقال بعض الشعراء في اللثام :
قوم لهم درك العلى في حمير . . . وإذا انتموا صنهاجة فهم هم لما حووا إحراز كلّ فضيلة . . . غلب الحياء حليهم فتلثموا
وقال آخر :
إذا التصموا بالرّيط خلت وجوههم . . . أزاهر تبدو من فتوق الكمائم
أو التأموا بالسابرية أبرزوا . . . عيون الأفاعي من جلود الأراقم
نرجع إلى أخبار يوسف بن تاشفين
قال : واستقامت له الأمور . وتزوج زينب بنت إبراهيم زوجة أبي بكر بن عمر ، وكانت حظية عنده ، وأميرة عليه . وكذلك جميع الملثمين ينقادون لأمور نسائهم ، ولا يسمون الرجل إلا بأمه فيقولون : ابن فلانة ، ولا يقولون : ابن فلان .
وكانت زينب لها عزم وحزم . حكى عنها أن زرهون - ويعرف بابن خلوف - وكان له أدب ، فبلغ زينب أنه مدح حواء امرأة سير بن أبي بكر وفضّلها على سائر النساء بالجمال والكمال . فأمرت بعزله عن القضاء . فوصل إلى أغمات واستأذن عليها . فدخل البواب وأعلمها به ، فقالت : قل له : امض إلي التي مدحتها تردك إلى القضاء . فبقي بالباب أياماً حتى نفدت نفقته .
فأتى إلى خادمها فقال له : إن مولاتك صرفتني ونقمت على مدحي لامرأة سير . ولو علمت أن ذلك يغضبها ما قلته . وقد نفدت نفقتي ، وأردت بيع هذا المهر ، وعزّ على أن يصير في يد من لا يستحقه ، وأنا أحب أن تعطيني مثقالين أتزود بهما إلى أهلي . وخذ المهر فأنت أحق به . فسر الخادم وأعطاه مثقالين وأخذ المهر . ودخل على مولاته زينب وهو فرحان . فقالت له : ما شأنك ؟ فأخبرها الخبر . فرقت للقاضي وندمت على ما فعلت به . وقالت : اذهب فأتني به الساعة . فأحضره إليها . فقالت له : تمدح زوجة سير وتفضلها على

الصفحة 146