كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 152 """"""
ذكر ولاية تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين
كان أبوه قد ولاه العهد وأخرجه لحرب عبد المؤمن . فما زال يحاربه والغلبة والظفر لعبد المؤمن إلى أن توفي والده علي بن يوسف . فاستقل بالأمر بعده ولازم حرب عساكر عبد المؤمن إلى أن مات في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة .
اسحاق بن علي
وولي بعده أخوه إسحاق بن علي فضعف أمر دولتهم ، واستولى عبد المؤمن على البلاد وملكها بلداً بلداً ، إلى أن حاصر عبد المؤمن مراكش وملكها في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ، فقتله عبد المؤمن صبراً . وانقرضت دولة الملثمين .
وكانت مدة ولايتهم من حين خرجوا من البرية في سنة خمسين وأربعمائة إلى أن قتل إسحاق إحدى وتسعين سنة . وعدة من ملك منهم خمسة ملوك ، وهم أبو بكر بن عمر ، ثم يوسف بن تاشفين ، ثم ابنه علي بن يوسف ، ثم ابنه تاشفين بن علي ، ثم إسحاق بن علي . وعليه انقرضت الدولة . وسنورد في أخبار الموحدين طرفاً من أخبارهم وحروبهم ، إن شاء الله تعالى .
ذكر ابتداء دولة الموحدين وأخبارهم وسبب ظهورهم
أول من ظهر من ملوك هذه الدولة ، وأسس قواعدها ، وقام بأعبائها وأنشأها ، المهدي محمد بن تومرت . وكانت ابتداء أمره وظهوره في سنة أربع عشرة وخمسمائة . وسنذكر ابتداء حاله وكيف تنقلت به الحال وما كان منه ، إن شاء الله تعالى .
ذكر أخبار المهدي محمد بن تومرت
هو أبو عبد الله محمد بن تومرت الحسني ، وقبيلته من المصامدة تعرف بهرغة في جبل السوس ، نزلوا به لما فتحه المسلمون مع موسى بن نصير . وكان ابتداء أمر المهدي أنه رحل في شبيبته إلى بلاد المشرق في طلب العلم . وكان فقيهاً فاضلاً محدّثاً ، عارفاً بأصولي الدين والفقه ، محققاً لعلم العربية ، وكان ورعاً ناسكاً . ووصل

الصفحة 152