كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 158 """"""
والثانية آية خمسين ، وهم دون تلك الطبقة ، وهم جماعة من رؤساء القبائل .
والثالثة آية سبعين ، وهم دون الذين قبلهم في الرتبة والسابقة .
" وسمى " عامة أصحابه والداخلين في طاعته موحدين .
ذكر حصار مراكش ووقعة البحيرة ومقتل أبي عبد الله الونشريسي
قال : وفي سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، جهز المهدي جيشاً كثيفاً يبلغون أربعين ألفاً أكثرهم رجالة . وجعل عليهم الونشريسي وسير معه عبد المؤمن . فساروا إلى مراكش وحصروها وضيقوا على من بها ، وبها أمير المسلمين علي بن يوسف . فبقي الحصار عليها عشرين يوماً . فأرسل أمير المسلمين إلى متولي سجلماسة يأمره أن يحضر ومعه الجيوش . فجمع جمعاً كثيراً وسار . فلما قارب عسكر المهدي ، خرج أهل مراكش من غير الجهة التي أقبل منها والتقوا واقتتلوا ، واشتد القتال ، وكثر القتل في أصحاب المهدي . وقتل أميرهم الونشريسي . فولوا عبد المؤمن أمرهم ، وقدموه عليهم . ودام القتال بينهم عامة النهار . وصلى عبد المؤمن صلاة الخوف الظهر والعصر والحرب قائمة . فلما رأى المصامدة كثرة المرابطين وقوتهم أسندوا ظهورهم إلى بستان كبير يسمونه عندهم البحيرة . وصاروا يقاتلون من وجه واحد إلى أن حجز بينهم الليل .
قال : ولما قتل الونشريسي ، دفنه عبد المؤمن لوقته سراً . فطلبه المصامدة فلم يروه في القتلى فقالوا : رفعته الملائكة . قال : ولما جنّهم الليل ، سار عبد المؤمن ومن سلم من القتل إلى الجبل . وسميت هذه الوقعة بالبحيرة ، وعام البحيرة .
ذكر وفاة المهدي محمد بن تومرت
كانت وفاته في سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، وذلك أنه مرض بعد إرسال الجيش لحصار مراكش واشتد مرضه . وأتاه خبر الهزيمة وقتل الونشريسي ، فسأل عن عبد المؤمن . فقيل : هو سالم . فقال : ما مات أحد ، والأمر قائم ، وهو الذي يفتح كل البلاد . ووصي أصحابه بتقديمه ، واتباعه ، وتسليم الأمر إليه ، والانقياد له . ولقبه

الصفحة 158