كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 160 """"""
الموضع الذي فيه تاشفين وعسكره كالسباخ لا يستطيع الماشي أن ينقل فيها قدماً . وقلّت الأقوات عندهم فهلكوا جوعاً وبردا حتى وقدوا رماحهم وقرابيس سروجهم ، وعبد المؤمن ومن معه في تلك الأرض الصلبة والميرة تصل إليهم .
وفي ذلك الوقت سير عبد المؤمن جيشاً إلى وجدة من أعمال تلمسان . وقدم عليهم أبا عبد الله محمد بن رفوا من آية خمسين . فبلغ خبرهم إلى محمد بن يحيى متولي تلمسان . فخرج إليهم بجيش من الملثمين فالتقوا بموضع يعرف بمرج الحمر . واقتتلوا فهزمهم الموحدون . وقتل محمد بن يحيى وكثير من أصحابه ، وغنم الموحدون ما معهم ورجعوا بأسلابهم إلى عبد المؤمن .
فتوجه عبد المؤمن بجميع جيشه إلى جبال غمارة فأطاعوه قبيلة بعد قبيلة . وأقام عندهم مدة .
وما برح يمشي في الجبال وتاشفين يحاذيه في الصحاري إلى سنة خمس وثلاثين وخمسمائة ، فتوفى علي بن تاشفين بمراكش ، وملك بعده ابنه تاشفين . فقوي طمع عبد المؤمن في البلاد إلا أنه لم ينزل الصحراء .
وفي سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ، توجه عبد المؤمن إلى تلمسان . فنازلها وضرب خيامه في جبل عال بأعلاها يسمى بين الصخرتين . ونزل تاشفين خارج مدينة تلمسان على باب القرمادين . وكان بين أقوام من العسكرين مراماة ومطاردة مع الأيام . ودام ذلك أشهراً . ولم يكن بينهم مناجزة .
ورحل عبد المؤمن في سنة تسع وثلاثين إلى جبل تاجرة . ووجه جيشاً مع عمر بن يحيى الهنتاتي إلى مدينة وهران . فهاجمها بغتة وصار هو وجيشه فيها . فسار إليه تاشفين فخرج الهنتاتي منها . ونزل تاشفين إلى الجانب الآخر من البلد . وذلك في شهر رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة .

الصفحة 160