كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 161 """"""
فلما كان في ليلة سبع وعشرين من الشهر . وهلي ليلة معظمة سيما بالمغرب ، وبظاهر وهران ربوة مطلة على البحر ، وبأعلاها ثنية يجتمع فيها المعتبدون - وهو موضع معظم عندهم - فسار إليه تاشفين في نفر قليل من خاصة أصحابه . وصعد إلى ذلك المعبد سراً بالليل ، ولم يعلم به إلا النفر الذين معه . وقصد التبرك بحضور ختم القرآن مع الصالحين . فانتهى خبره إلى الهنتاتي ، فسار لوقته بجميع عساكره إلى ذلك المعبد ، وأحاطوا به وملكوا البروة . فخاف تاشفين على نفسه أن يأخذوه ، فركب فرسه وحمل به إلى جهة البحر من جرف عال فسقط على حجارة فهلك . ورفعت جثته على خشبة ، وقتل من كان معه .
وقيل : إن تاشفين قصد حصنا هناك على رابية وله فيه بستان كبير فيه من كل الفواكه . واتفق أن الهنتاتي سير سرية إلى ذلك الحصن لضعف من فيه ، ولم يعلم أن تاشفين هناك . فألقوا النار في باب الحصن فاحترق . فركب تاشفين فرسه وأراد الهرب . فوثب به الفرس من داخل الحصن إلى خارج السور فسقط في النار فأخذ تاشفين فعرف . فأرادوا حمله إلى عبد المؤمن فمات لوقته . وتفرق عسكره واحتمى بعضهم بمدينة وهران .
قال : وأرسل الموحدون بالخبر إلى عبد المؤمن . فجاء من تاجرة في يومه ، ودخل وهران بالسيف وقتل من فيها .
ذكر استيلاؤه عبد المؤمن على تلمسان وفاس ومكناسة وسلا وسبتة
قال : ثم سار عبد المؤمن إلى تلمسان ، وهي مدينتان بينهما شوط فرس : تاجروتت وبها أصحاب السلطان ، والأخرى أجادير . وتاجررت ينطق بها بجيم محيرة بين الكاف والجيم ، وكذلك أجادير . وتاجررت محدثة البناء ، وأجادير قديمة . فامتنعت أجادير وتأهب أهلها للقتال . وأما تاجررت فكان بها يحيى بن الصحراوية والياً عليها فخرج منها بعسكره فارّاً إلى مدينة فاس . ودخلها عبد المؤمن ، فلقيه أهلها بالخضوع والاستكانة . فلم يقبل ذلك منهم وقتل أكثرهم .

الصفحة 161