كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 165 """"""
المسلمين مدينة شنترين وباجة وماردة وأشبونة وسائر المعاقل المجاورة لها ، وذلك في سنة أربعين وخمسمائة . وكان سبب ذلك ما وقع من الاختلاف بين المسلمين ، فطمع العدو فيهم وأخذ هذه المدن وقوي بها . ثم ملكوا في سنة اثنتين وأربعين مدينة المرية ، ومدينة بياسة ، وجميع ولاية جيان .
فجهز عبد المؤمن جيشاً كثيفاً وجعل مقدمه أبا عمر بن صالح من آية الخمسين . وجهز أسطولاً في البحر وجعل قائده يحيى بن عيسى بن ميمون . فغدوا إلى جزيرة الأندلس . ودخل الأسطول إلى مدينة إشبيلية في النهر ، وحاصروها براً وبحراً ، وبها جيش من الملثمين . فملكتها عساكر عبد المؤمن عنة وقتلوا فيها جماعة . ثم أمن الناس . واستولت عساكره على البلاد الإسلامية التي بها ، ودان له أهلها .
وفي سنة ثلاث وأربعين ملك الفرنج مدنا من الأندلس ، وهي طرطوشة وجميع قلاعها وحصون لاردة ، وذلك لاختلاف المسلمين .
ذكر حصار الفرنج مدينة قرطبة ورجوعهم عنها
قال : وفي سنة خمس وأربعين وخمسمائة ، حصر السليطين - وهو الأدفونش ملك طليطلة وأعمالها ، وهو من ملوك الجلالقة - مدينة قرطبة - أعادها الله - في أربعين ألف فارس من الفرنج . فبلغ الخبر عبد المؤمن وهو بمراكش . فجهز اثني عشر ألف فارس ومقدمهم أبو زكريا يحيى بن يومور . فساروا حتى قربوا من قرطبة . فلم يقدروا على لقاء الفرنج في الوطأة ، فساروا في الجبال الوعرة . وجعلوا يقطعون الأشجار حتى يجدوا مسلكاً . فمشوا عشرين يوماً قال : يالوعر مسافة أربعة أيام في السهل . فأفضوا إلى جبل شامخ مطل على قرطبة . فلما رآه السليطين وتحقق أمرهم ،

الصفحة 165