كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 175 """"""
قال : وجمعت عظام من قتل من العرب عند جبل اقرن فبقيت دهراً طويلاً كالتل يلوح للناظرين من مكان بعيد . وبقيت بلاد إفريقية بيد نواب عبد المؤمن آمنة ساكنة ، لم يبق من العرب خارج عن الطاعة إلا مسعود بن زمام وطائفة في أطراف البلاد .
وفي سنة ست وخمسين ، توجه عبد المؤمن إلى جبل طارق ، وهو على ساحل الخيليج مما يلي الأندلس ، فعبر المجاز إليه . وبني عليه مدينة حصينة . وأقام بها أشهراً ثم انصرف إلى مراكش .
ذكر وفاة عبد المؤمن بن علي وشيء من أخباره
كانت وفاته في العشر الآخر من جمادى الآخر سنة ثمان وخمسين وخمسمائة بمدينة سلام . وكانت مدة ولايته ثلاثاً وثلاثين سنة وأشهراً . وخلف ستة عشر ولداً ذكوراً . وكان عاقلاً ، حازماً ، سديد الرأي ، حسن السياسة للأمور ، كثير البذل للأموال ، إلا أنه كان كثير السفك لدماء المسلمين على صغار الذنوب . وكان يعظّم أمر الدين ويقويه ، ويلزم الناس في سائر بلاده بالصلاة . ومن رئي في وقت الصلاة غير مصلّ قتل . وجمع الناس على مذهب الإمام مالك بن أس رحمه الله في الفروع ، وعلى مذهب أبي الحسن الأشعري في الأصول . وكان الغالب على مجلسه أهل العلم والدين ، وإليهم المرجع والكلام معهم .
قال ابن شداد : وقفت على كتاب كتبه عنه بعض كتابه ، ييقول فيه بعد البسملة : من الخليفة المعصوم الرّضي الهاشمي الزّكي ، الذي وردت البشارة به من النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، العرب القامع لكل مجسّم غوي ، الناصر لدين الله العلي ، أمير المؤمنين الولي ، عبد المؤمن بن علي .
وحكى أيضاً قال : أخبر رجل من أهل المهدية اجتمعت به بمدينة صقلية سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، قال : لما فتح عبد المؤمن مدينة بجاية وجميع ملك بني حماد ، وافق ذلك وصولي بد أيام من المهدية إلى بجاية بأحمال متاع مع قفل ،

الصفحة 175