كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 178 """"""
وفي سنة خمس وستين وخمسمائة ، وجه أبو يعقوب أخاه عمر ابن عبد المؤمن إلى الأندلس بالعساكر لقتال محمد بن سعد ابن مردنيش . وكان قد ملك شرق الأندلس ، واتفق مع الفرنج ، وامتنع على عبد المؤمن ثم على ابنه ، وتمادى في عصيانه ، واستفحل أمره . فدخل العسكر إلى بلاده ، وجاس خلال دياره ، وأخذوا مدينتين من بلاده . وأقاموا مدة يتنقلون في بلاده ويجبون أموالها . ثم توفى محمد بن سعد في سنة سبع وستين ، وأوصى أولاده أن يقصدوا الأمير أبا يعقوب ، ويسلموا البلاد إليه ، ويدخلوا في طاعته . فلما مات قصدوه . فسر بهم وأكرمهم وتسلم البلاد منهم ، وهي مرسية ، وبلنسية ، وجيان ، وغير ذلك ، وتزوج أختهم . وأقاموا عنده مكرمين . وكان اجتماعهم به بمدينة إشبيلية ، وقد دخل الأندلس في مائة ألف فارس في سنة ست وستين وخمسمائة .
ذكر غزوة الفرنج
قال : وفي سنة ثمان وستين ، جمع أبو يعقوب عساكره . وسار من إشبيلة وقصد بلاد الفرنج . ونزل على مدينة وبذي ، وهي بالقرب من طليطلة شرقاً منها ، وحصرها . فاجتمعت الفرنج مع الأدفونش ملك طليطلة في جمع كبير ، فلم يقدموا على لقاء المسلمين . واتفق أن الغلاء اشتد على المسلمين وعدمت الأقوات عندهم . فعادوا إلى إشبيلية .
وأقام أبو يعقوب بها إلى سنة إحدى وسبعين وهو يجهز العساكر في كل وقت ، ويرسلها إلى بلاد الفرنج . وكان في هذه المدة عدة وقائع وغزوات ، ظهر فيها من شجاعة العرب ما لا يوصف ، حتى كان الفارس من العرب يسير بين الصفين ويطلب مبارزة الفارس المشهور من الفرنج ، فلا يبرز إليه أحد .
ثم عاد أبو يعقوب إلى مراكش .
ذكر ملك أبي يعقوب مدينة قفصة
قد ذكرنا أن صاحب قفصة قدم على عبد المؤمن وهو يحاصر المهدية ، وأطاعه ، وما قاله عبد المؤمن لحاجبه عند قدوم أهل قفصة من إخبار المهدي عن قفصة . فلما كان في سنة ثمان وستين وخمسمائة ، دخلت طائفة من الترك من ديار

الصفحة 178