كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 18 """"""
ولما بلغ عبد الملك قتل زهير عظم ذلك عليه ، وكانت المصيبة به كالمصيبة بعقبة . وشغل عبد الملك عن القيروان ما كان بينه وبين عبد الله بن الزبير ، فلما قتل ابن الزبير جهز عبد الملك حسان ابن النعمان إليها .
ذكر ولاية حسان بن النعمان الغساني إفريقية
قال : كان عبد الملك قد أمر حسان بن النعمان بالمقام بمصر في عسكر عدته أربعون ألفاً . وتكره بها عدة لما يحدث . فكتب إليه بالنهوض إلى إفريقية ويقول : إني قد أطلقت يدك في أموال مصر ، فاعط من معك ومن ورد عليك من الناس ، واخرج إلى جهاد إفريقية على بركة الله . قال ابن الأثير في تاريخه الكامل : إنه استعمله في سنة أربع وسبعين بعد مقتل عبد الله بن الزبير . وقال ابن الرّقيق إنه ندبه إلى إفريقية في سنة تسع وستين . قال : فدخل إفريقية بجيش عظيم ما دخلها مثله قط . فدخل القيروان وتجهز منها إلى قرطاجنّة .
ذكر فتح قرطاجنة وتخريبها
قال : ولما دخل حسان إلى القيروان سأل عن أعظم ملك بقي بإفريقية . فقيل له : صاحب قرطاجنة ، وهي بلدة عظيمة ، ولم تفتح بعد ، ولا قدر عليها عقبة . فسار إليها . وقاتل من بها من الروم والبربر أشد قتال . فانهزموا وركبوا في البحر . وسار بعضهم إلى صقلية وبعضهم إلى الأندلس . ودخل حسان قرطاجنة بالسيف فقتل وسبي ونهب . وأرسل الجيوش إلى ما حولها . ثم أمر بهدمها فهدم المسلمون منها ما أمكنهم . ثم بلغه أن الروم والبربر قد اجتمعوا في صطفورة وبنزرت . فسار إليهم وقاتلهم ، فهزمهم وأكثر القتل فيهم . واستولى المسلمون على بلادهم . ولم يترك موضعاً منها حتى وطئه . فخافه أهل إفريقية خوفاً شديداً . ولجأ المهزمون من الروم إلى مدينة

الصفحة 18