كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 182 """"""
وأما ابن غانية اللمتوني فإنه ثبت بعد انكشاف أصحابه وقاتل قتالاً شديداً فأصابته جراحات كثيرة . ومر على وجهه فمات في خيمة لعجوز أعرابية . وكان معه إخوته عبد الله ويحيى وأبو بكر وسير . فقدموا عليهم يحيى لشجاعته وشهامته ولحقوا بالمغرب . ولم يزل بإفريقية يثور تارة ويسكن أخرى .
ذكر ملك الفرنج مدينة شلب وعودها إلى المسلمين
وفي سنة ست وثمانين وخمسمائة ، ملك الفرنج بغرب الأندلس مدينة شلب ، وهي من أكبر مدن المسلمين . فوصل الخبر إلى أبي يوسف فتجهز بالعساكر الكثيرة . وعبر المجاز إلى الأندلس ، وسير طائفة كثيرة في البحر . ونازل شلب وحصرها ، وقاتل من بها قتالاً شديداً حتى ذلوا وطلبوا الأمان . فأمنهم وتسلم البلد . ورجع من به إلى بلادهم .
وسير جيشاً من الموحدين ومعهم جمع من العرب إلى بلاد الفرنج . ففتحوا أربع مدن كان الفرنج قد ملكوها قبل ذلك بأربعين سنة وقتلوا طائفة من الفرنج فخافهم ملك طليطلة ، وأرسل في طلب الهدنة فصالحه خمس سنين . وعاد أبو يوسف بعد ذلك إلى مدينة مراكش .
ذكر غزوة الفرنج بالأندلس والوقعة الكبرى والثانية وحصر طليطلة
كانت هذه الغزاة المباركة في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة . وكان سببها أن الفنش ملك الافرنج صاحب طليلطة كتب إلى أبي يوسف كتاباً ، نسخته : " باسمك اللهم ، فاطر السموات والأرض .
أما بعد ، أيها الأمير ، فإنه لا يخفى على ذي عقل لازب ، ولا ذي لب وذكاء ثاقب ، أنك أمير الملة الحنيفية كما أنا أمير الملة النصرانية . وإنك لا يخفى عليك ما هم عليه رؤساء الأندلس من التخاذل والتواكل وإهمال الرعية واشتمالهم على

الصفحة 182