كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 184 """"""
مائة ألف . وكان يعقوب نادى في عسكره : من غنم شيئاً فهو له سوى السلاح . فأحصى ما حمل إليه ، فكان يزيد على سبعين ألف لباس . وقتل من المسلمين نحو عشرين ألفاً . ولما انهزم الفرنج ، اتبعهم أبو يوسف فرآهم قد خلّفوا قلعة رابح وساروا عنها . فلملكها وجعل فيها والياً وجنداً . وسار إلى مدينة إشبيلية .
وأما الفنش فإنه حلق رأسه ، ونكس صلبانه ، وركب حماراً ، وأقسم ألا يركب فرساً ولا بغلاً حتى ينصر النصرانية . فجمع جموعاً كثيرة . فبلغ الخبر إلى أبي يوسف ، فأرسل إلى مراكش وغيرها من بلاد الغرب يستنفر الناس من غير إكراه . فاجتمع إليه جمع عظيم . فالتقوا في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة . فانهزم الفرنج هزيمة قبيحة . وغنم المسلمون ما معهم من الأموال والسلاح والدواب وغير ذلك .
وتوجه أبو يوسف إلى مدينة طليطلة . فحصرها وقاتل من بها قتالاً شديداً ، وقطع أشجارها .
وشنّ الغارة على ما حولها من البلاد . وفتح عدة حصون ، فقتل رجالها وسبى حريمها ، وهدم أسوارها ، وخرب دورها . فضعفت النصرانية حينئذ وعظم أمر الإسلام بالأندلس . وعاد إلى إشبيلية فأقام بها .
فلما دخلت سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة ، سار إلى الفرنج وفعل مثل فعله الأول والثاني . فذل العدو واجتمعت ملوك الفرنج وراسلوه في الصلح ، فأجابهم إله بعد امتناع . وكان عزم على أن لا يجيبهم إلى الصلح وأن يداوم الغزو حتى يفنيهم . فأتاه خبر علي بن إسحاق الملثم بخروجه على إفريقية . فصالحهم سنين . وعاد إلى مراكش في آخر سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة .
؟ ؟ ؟ ؟
ذكر ما فعله الملثم بإفريقية
قال : ولما عبر أبو يوسف يعقوب إلى الأندلس ، وداوم الغزو ، وانقطعت أخبراه عن إفريقية ، قوي طمع علي بن إسحاق فيها . وكان بالبرية مع العرب . فعاود قصد إفريقية . وبث جنده في البلاد وأكثر الفساد . وأظهر أنه إذا استولى على بجاية سار إلى المغرب . فوصل الخبر إلى أبي يوسف فصالح الفرنج ، وعاد إلى مراكش عازماً على قصده وإخراجه .
ولما عاد استعمل على مدينة تونس أبا سعيد عثمان بن عمر الهنتاتي وولي أخاه أبا علي يونس بن عمر على المهدية . وجعل قائد الجيش بالمهدية محمد بن عبد الكريم ،

الصفحة 184