كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 185 """"""
وهو رجل مشهور بالشجاعة . فعظمت نكايته في العرب ، ولم يبق إلا من يخافه . وخرج إلى طائفة من عوف ، فانهزموا منه وتركوا أموالهم وعيالهم . فأخذ الجميع ورجع إلى المهدية . وأخذ من الغنيمة والأسلاب ما شاء ، وسلم البعض لأبي علي ، والبعض للجند . فجاءت تلك الأعراب إلى أبي سعيد بن عمر فوحدوا وصاروا من حزب الموحدين . واستجاروا بأبي سعيد في رد عيالهم وأموالهم . فأحضر محمد بن عبد الكريم وأمره بإعادة ما أخذ لهم . فقال : أخذه الجند ولا أقدر على رده . فأغلظ له في القول وأراد أن يبطش به . فاستمهله إلى أن يرجع إلى المهدية ويسترد من الجند ما يجده ، وما عدم غرمه من ماله ؛ فأمهله . وانصرف إلى المهدية وهو لا يأمن على نفسه . فلما وصل إليها جمع أصحابه ، وأعلمهم بما كان من أبي سعيد ، وحالفهم على المخالفة عليه ، فحلفوا له على ذلك . فقبض على أبي علي يونس وتغلب على المهدية وملكها ونزع يده من الطاعة . فأرسل إليه أبو سعيد في إطلاق أخيه يونس . فأطلقه على اثني عشر ألف دينار ، فأخذها وفرقها في جنده . فجمع أبو سعيد الجند وأراد قصده . فأرسل محمد بن عبد الكريم إلى علي بن إسحاق الملثم واعتضد به . فامتنع أبو سعيد من قصده . وفي خلال ذلك مات أبو يوسف .
ذكر وفاة أبي يوسف يعقوب
كانت وفاته في سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وخمسمائة بمدينة سلا . وكان قد سار إليها من مراكش ، وبني مدينة مجاورة لها وسماها المهدية ، وجاءت من أحسن البلاد وأنزهها . فسار ليشاهدها فتوفي بها . وقيل : بل توفي بمراكش بعد انصرافه من سلا ، في جمادى الأولى سنة خمس وتسعين . وقيل : بل كانت وفاته في صفر منها .
وكانت ولايته خمس عشرة سنة .
وكان رحمه الله ديناً ، حسن السيرة ، كثير الجهاد ، إلا أنه كان يتمذهب بمذهب الظاهرية ولا يكتمه . فعظموا في أيامه وانتشروا في البلاد ، ومال إليهم .

الصفحة 185