كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 187 """"""
قال : وجهز محمد جماعة من العرب إلى الأندلس واحتاط واحترز . فأتاه جماعة رسل من ملوك الفرنج يطلبون دوام الهدنة ويشاهدون أحوال الدولة . فأنزلهم على العادة ، وحضروا مجلسه فطلبوا دوام الهدنة التي كانت بينهم وبين أبيه ، واستقراض مائة ألف دينار . فقال لهم : المال والحمد لله لدينا والرجال ، ونحن نجيب إلى ذلك بشرط أن ترهنوا عندنا معاقل على المال تكون بأيدينا إلى حين الوفاء . وإن كان هذا منكم امتحاناً فالسيوف التي تعرفون ما ردّت في أغمادها والرماح ما حصلت على أوتادها . فانصرفوا وقد ملأ قلوبهم رعباً . وأبقوا الهدنة على ما كانت وأعرضوا عن ذكر السلف .
قال : وخرج أقارب يحيى بن إسحاق الميورقي من ميورقة لما علموا بموت يعقوب في أسطول كبير إلى جزيرة منرقة ، وهي في طاعة محمد . ففتحوها واحتووا على أموالها ، وتركا فيها جنداً يحفظونها . فاتصل ذلك بالأمير محمد . فجهز أسطولاً في غير أوان ركوب البحر في كانون ، وقدم عليهم أبا زيد . فوصل إلى منرقة ففتحها عنوة بالسيف وقتل بعض من فيها . وتوجه إلى جزيرة ميورقة ففتحها وقتل بعض من بها من الجند . وأسر ثلاثة من أقارب يحيى ابن إسحاق وقتل منهم واحد في المعركة . وذلك كله في سنة خمس وتسعين وخمسمائة .
انتهى تاريخ ابن شداد وابن الأثير في أخبار المغرب إلى هذه الغاية .
وقال غيرهما ممن أرح للمغاربة : وفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، قام بالسوس رجل جزولي يعرف بأبي قصبة ، ودعا لنفسه ، واجتمع عليه خلق كثير ثم هزمه الموحدون وأسلمه أصحابه ، وقتل .
وفي سنة إحدى وستمائة ، تجهز محمد بن يعقوب في جيوش عظيمة لقصد إفريقية ، وكان يحيى بن غانية اللمتوني قد استولى عليها ما خلا قسنطينة وبجاية . فنزل إفريقية وملكها ، ولم يمتنع عليه منها إلا المهدية . فأقام عليها أربعة أشهر ، وكان فيها الحسن بن علي بن عبد الله بن محمد بن غانية والياً لابن عمه يحيى . فلما طال عليه الحصار سلمها وخرج يقصد ابن عمه . ثم بداله فراسل الأمير محمداً فقبله أحسن قبول ووصله بالصّلات السنية .

الصفحة 187