كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 188 """"""
ثم ترك بإفريقية من يقوم بحمايتها ، واستعمل عليها أبا محمد عبد الواحد . ورجع إلى مراكش في سنة أربع وستمائة . وأقام بها إلى أول سنة سبع وستمائة . فقصد بلاد الروم بالغزو ، ونزل على قلعة تسمى شلب ترّة ففتحها . فجمع له الأذفنش جموعاً عظيمة من الأندلس والشام والقسطنطينية . فالتقيا بموضع يعرف بالعقاب . فدهم الأدفنش المسلمين وهم على غير أهبة . فانهزموا وقتل من الموحدين خلق كثير . وثبت الأمير محمد ثباتاً لم ير من ملك قبله . ولولا ذلك لاستؤصلت تلك الجموع . ثم رجع إلى مراكش . وكانت الهزيمة في يوم الاثنين منتصف صفر سنة تسع وستمائة . وانفصل الأدفنش ، وقصد بياسة فوجدها خالية . فقصد أبّذة فوجد فيها من المسلمين عدداً كثيراً من المنهزمين وأهل بياسة . فأقام عليها ثلاثة عشر يوماً ، ودخلها عنوة وسبي وغنم . فكانت هذه أشد على المسلمين من الهزيمة .
ذكر وفاة أبي عبد الله محمد وشيء من أخباره
كانت وفاته بمدينة مراكش لعشر خلون ، وقيل : لخمس خلون من شعبان سنة عشر وستمائة . فكانت ولايته خمس عشرة سنة وشهوراً .
وكان شديد الصمت ، بعيد الغور ، كثير الإطراق ، حليماً ، شجاعاً ، عفيفاً عن الدماء ، قليل الخوض فيما لا يعنيه ، إلا أنه كان نحيلاً ألثغ .
وكان له من الأولاد يوسف ، وهو ولي عهده ، ويحيى ، وإسحاق . توفي يحيى في حياته .
ولما مات ولي بعده ابنه يوسف .
ذكر ولاية يوسف بن محمد بن يعقوب ابن يوسف بن عبد المؤمن بن علي
كانت ولايته بعد وفاة أبيه في شعبان سنة عشر وستمائة ، وعمره يوم ذاك ست عشرة سنة . وقام ببيعته من القرابة أبو موسى عيسى ابن عبد المؤمن عم جده ، الذي دخل عليه الميورقيون بجاية ، وهو آخر من بقي من ولد عبد المؤمن لصلبه ، وأبو زكريا يحيى بن عمر بن عبد المؤمن بويع له البيعة الخاصة في يومي الخميس

الصفحة 188