كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 189 """"""
والجمعة ، بايعه أشياخ الموحدين والقرابة . وفي يوم السبت أذن للناس عامة وأبو عبد الله بن عياش الكاتب قائم على رأسه يقول للناس : تبايعون أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين ، على ما بايع عليه أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من السمع والطاعة في المنشط والمكره واليسر والعسر ، والنصح له ولولاته ولعامة المسلمين ، هذا ماله عليكم . ولكم عليه أن يحمي ثغوركم ، وأن لا يدخر عنكم شيئاً مما نعمكم مصلحته ، وأن يعجل لكم عطاءكم . وأن لا يحتجب دونكم . أعانكم الله على الوفاء ، وأعانه على ما قلده من أموركم .
قال المؤرخ : ولما مضى من ولاية يوسف هذا أربعة أشهر ، قبض على رجل كان قد ثار عليهم اسمه عبد الرحمن ، ادعى أنه من أولاد العاضد من خلفاء المصرين . وكان خروجه في زمن أبيه محمد بن يعقوب ، والتفت عليه ببلاد صنهاجة جماعة كبيرة . وكان كثير الإطراق والصمت ، حسن الهيئة . وقصد سجلماسة في حياة محمد بن يعقوب في جيش عظيم . فخرج إليه متوليها سليمان بن عمر بن عبد المؤمن . فهزمه عبد الرحمن هذا ، وأعاده إلى سلجلماسة أسوأ عود . ولم يزل يتنقل في قبائل البربر ولا تثبت عليه جماعة لأنه غريب البلد ، حتى قبض عليه بظاهر فاس . فضربت عنقه وصلب ، ووجّه برأسه إلى مراكش .
وثار في أيام يوسف رجل ببلده جزولة يدعى أنه فاطمي ، فقتل وجيء برأسه .
وثار آخر من صنهاجة ، فقتل في سنة ثماني عشرة وستمائة ، بعد أن أثر آثاراً قبيحة ، وهزم بعوثاً كثيرة ، وافسد خلقاً من الناس .
واستمر يوسف هذا إلى سنة عشرين وستمائة .
ذكر وفاة يوسف بن محمد
كانت وفاته في شوال أو ذي القعدة سنة عشرين وستمائة . فكانت ولايته عشر سنين وثلاثة أشهر تقريباً . ولم أقف من أخباره على غير ما وضعت ، فأورده .
ذكر ولاية أبي محمد عبد العزيز بن يوسف ابن عبد المؤمن
كانت ولايته في ذي القعدة سنة عشرين وستمائة بعد وفاة يوسف ابن محمد . وكان يوسف بن محمد ولاه مدينة إشبيلية حين عزل عنها أخا أبا العلاء إدريس وولاه إفريقية . فلما توفي يوسف اضطرب الأمر . فاجتمع معظم الناس على تقديم أبي محمد عبد العزيز . فبايعوا له وولوه أمرهم .

الصفحة 189