كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 193 """"""
واستقر الملك لعامر وعم أبيه أبي يحيى يوماً واحداً . ثم قام عبد الله ابن أبي مدين المكناسي وزير يوسف بن يعقوب - وهو المستولي على الدولة - وعلم أن أبا يحيى إن استمر تغلب على الملك وتحكم عليه ، ورأى أنه إذا انفرد عامر بالملك مع صغر سنه كان هو المتحكم في المملكة فأغرى عامراً بأبي يحيى ، فأمر به فقتل في اليوم الثاني . واستقل عامر بالملك مدة سنة واحدة وشهر ثم مات بطنجة .
فقام لطلب الملك بعده عمه علي بن يوسف المعروف بابن رزيجة ورزيجة أمه أم ولد . فلم يتم له أمر . فقام عبد الله بن أبي مدين الوزير وبايع لأبي الربيع سليمان بن عبد الله بن يوسف بن يعقوب ، وهو ابن سبع عشرة سنة أو نحوها . واستقر في الملك ثلاث سنين حتى مات بناحية تازا .
ثم ملك بعده عم أبيه عثمان بن يعقوب . وقتل ابن أبي مدين في أيام سليمان بن عبد الله بأمره بمدينة فاس . وولي الوزارة بعده لأبي الربيع سليمان أخوه محمد بن أبي مدين . وعثمان هذا هو الملك القائم في وقتنا هذا ، في سنة تسع عشرة وسبعمائة .
وإنما اقتصرنا من أخبارهم على هذه النبذة لأنهم منعوا في ابتداء دولتهم أن يؤرّخ لهم أو تدون أخبارهم ، وقتلوا محمد بن عبد الله ابن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار ، وكان قد أرخ أخبارهم وأخبار غيرهم ، وأعدموا ما وجدوه عنده وعند غيره من أوراق التاريخ المنسوبة لهم ولغيرهم . فهذا هو الذي منع من انتشار أخبارهم .
فلنذكر أخبار جزيرة صقلية واقريطش .
ذكر أخبار جزية صقلية ومن غزاها من المسلمين وما افتتح منها ، وكيف استولت الفرنج - خذلهم الله تعالى - عليها
قد ذكرنا صفة جزيرة صقلية ، وما بها من الأنهار والعيون والفواكه والأشجار والنبات والكلأ ، وما بها من المدن المشهورة . وأنينا على ذلك مبيناً ، وهو في السّفر الأول من كتابنا هذا في أخبار الجزائر . فلنذكر الآن في هذا الموضع خلاف ما قدمناه من أخبارها . فنقول :

الصفحة 193