كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 194 """"""
أول من غزا جزيرة صقلية في الإسلام
عبد الله بن قيس الفزاري من قبل معاوية بن حديج ، وكان قد بعثه من إفريقية ، وذلك في خلافة معاوية بن أبي سفيان . ففتح وسبى وغنم فكان مما غنم أصناماً من ذهب وفضة مكللة بالجواهر . فحملها إلى معاوية بن أبي سفيان . فأنفذها معاوية إلى الهند لزيادة ثمنها . فأنكر المسلمون ذلك عليه .
ثم غزاها بعد ذلك محمد بن أبي إدريس الأنصاري ، في أيام يزيد بن عبد الملك ، فقدم بغنائم وسبايا .
ثم غزاها بشر بن صفوان الكلبي ، في أيام هشام بن عبد الملك فقدم بغنائم وسبايا .
ثم غزاها حبيب بن أبي عبيدة ، في سنة اثنتين وعشرين ومائة ومعه ولده عبد الرحمن بن حبيب . فوجهه على الخيل فلم يلقه أحد إلا هزمه عبد الرحمن حتى انتهى إلى سرقوسة ، وهي دار الملك فقاتلوه ، فهزمهم وضرب باب المدينة بسيفه فأثّر فيه . فهابه النصارى ورضوا بالجزية . فأخذها منهم ثم توجه إلى أبيه . فرجعا إلى إفريقية .
ثم غزاها عبد الرحمن بن حبيب ، في سنة ثلاثين ومائة فظفر ثم اشتغل ولاة إفريقية بالفتن التي قدمنا ذكرها في أخبارهم فأمن أهل جزيرة صقلية ، وعمرها الروم من كل الجهات ، وبنوا بها المعامل والحصون ، ولم يتركوا جبلاً إلا جعلوا عليه حصناً . وفي سنة إحدى عشرة ومائتين ، ولي ملك القسطنطينية على صقلية قسنطين البطريق الملقب بسودة فعمر سطولاً وسيره إلى بر إفريقية . وولي عليهم فيمي الرومي ، وكان مقدماً من بطارقته ، فاختطف من بعض سواحلها مجازاً ، وبقي مدة . فوصل كتاب صاحب القسطنطينية إلى قسنطين ، يأمره بعزل فيمى وأن يعذبه لشيء بلغه عنه . فاتصل ذلك بفيمى ، فمضى إلى مدينة سرقوسة . وملكها ونزع يده من الطاعة . فخرج إليه قسنطين ، فالتقوا واقتتلوا ، فانهزم قسنطين وقتل . وخوطب فيمي بالملك . وكان ممن انقطع إليه علج من الأرمنيين ، يقال له بلاطة . فقدمه وولاه على ناحية من الجزيرة . فخالف على فيمي وخرج إليه وقاتله . فانهزم فمي وقتل من أصحابه ألف رجل . ودخل بلاطة مدينة سرقوسة .

الصفحة 194