كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 195 """"""
وركب فيمي ومن معه في البحر . وتوجه إلى إفريقية إلى زيادة الله ابن إبراهيم بن الأغلب يستنصر به . فجمع زيادة الله وجوه أهل القيروان وفقهاءها واستشارهم في إنفاذ الأسطول إلى جزيرة صقلية . فقال بعضهم : نغزوها ولا نسكنها ولا نتخذها وطناً . فقال سحنون بن قادم رحمه الله : كم بينها وبين بلاد الروم ؟ فقال : يروح الأنسان مرتين وثلاثة في النهار ويرجع . قال : ومن ناحية إفريقية . قالوا : يوم وليلة . قال : لو كنت طائراً ما طرت عليها . وأشار من بقي بغزوها . ورغبوا في ذلك ، وسارعوا إليه . فخرج أمر زيادة الله إلى فيمي بالتوجه إلى مرسى سوسة ، والإقامة هناك إلى أن يأتيه الأسطول . وجمع الأسطول والمقاتلة . واستعمل عليهم القاضي أسد بن الفرات . وأقلع الأسطول من مدينة سوسة يوم السبت النصف من شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة ومائتين ، وهو نحو مائة مركب سوى مراكب فيمي ، وذلك في خلافة المأمون . فوصل مازر يوم الثلاثاء . فأمر بالخيل فأخرجت من المراكب ، وكانت سبعمائة فرس وعشرة آلاف راجل . وأقام ثلاثة أيام . فلم يخرج إليه إلا سرية واحدة . فأخذها ، فإذا هي من أصحاب فيمي ، فتركها .
ثم رحل من مازر على تعبئة قاصداً بلاطة وهو بمرج ينسب إليه . فعبأ القاضي أسد أصحابه للقتال . وأفرد فيمي ومن معه ولم يستعن بهم . والتقوا واقتتلوا ، فانهزم بلاطة من معه . وقتل منهم خلق كثير . وغنم المسلمون ما معهم . ولحق بلاطة بقصريانة ثم غلبه الخوف فخرج منها إلى أرض قلّورية فقتل بها .
ثم سار القاضي أسد إلى الكنيسة التي على البحر وتعرف بأفيمية واستعمل على مازر أبا زكي الكناني .
ثم سار إلى كنيسة المسلقين . فلقيه طائفة من بطارقة سرقوسة فسألوه الأمان خديعة مكراً . واجتمع أهل الجزيرة إلى قلعة الكراث وجمعوا فيها جميع أموال أهل الجزيرة . وذل أهل سرقوسة وألقوا بأيديهم . فلما شاهد ذلك فيمي داخلته حمية الكفر . فأرسل إليهم أن يثبتوا وأن يجدوا في الحرب ويستعدوا . وأقام القاضي أسد

الصفحة 195