كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 196 """"""
في موضعه أياماً . وتبين له أنهم مكروا به حتى أصلحوا حصنهم وأدخلوا إليه جميع ما كان في الرّبض وفي الكنائس من الذهب والفضة والميرة . فتقدم وناصبهم القتال . وبث السرايا في كل ناحية فغنموا وسبوا سبياً كثيراً . وأتوه بالسبي والغنائم وأتته الأساطيل من إفريقية والأندلس . وشدد القاضي الحصار على مدينة سرقوسة . فسألوه الأمان فأراد أن يفعل . فأبى عليه المسلمون وعاودوا الحرب . فمرض القاضي أسد في خلال ذلك ، ومات في شعبان سنة ثلاث عشرة ومائتين .
ذكر ولاية محمد بن أبي الحواري
قال : ولما توفي القاضي أسد بن الفرات ، ولي المسلمون على أنفسهم محمد بن أبي الحواري ، فضيق على أهل سرقوسة . فوصل من القسطنطينية أسطول كبير وعساكر في البر . فعزم المسلمون على العود إلى إفريقية ، فرحلوا عن سرقوسة وأصلحوا مراكبهم وركبوها . فوقفت مراكب الروم على المرسى الكبير ومنعوهم من الخروج .
فأحرق المسلمون مراكب نفوسهم . ورحلوا إلى حصن مناو ومعهم فيمي . فملكوا الحصن وسكنوه .
وملكوا حصن جرجنت وسكنه طائفة من المسلمين .
ثم خرج فيمي إلى قصريانة ، فخرج إليه أهلها وبذلوا له الطاعة وخدعوه . وقالوا له : نكون نحن وأنت والمسلمون على كلمة واحدة ونخلع طاعة الملك . وسألوه أن يرجع عنهم ذلك اليوم لينظروا فيما يصالحون عليه . فرجع عنهم يومه ذلك . ثم جاءهم في الغد في نفر يسير . فخرجوا يقبلون الأرض بين يديه ، وكانوا قد دفنوا سلاحاً في تلك البقعة . فلما قرب منهم ، أخرجوا السلاح وثاروا به فقتلوه . ثم وصل تودط البطرك من القسطنطينية في عساكر عظيمة من الأرمن وغيرهم ، وتوجه إلى قصريانة . وخرج بمجموعة للقاء المسلمين . فالتقوا فانهزم تودط . وقتل من عسكره خلق كثير ، وأسر من بطارقته تسعون بطريقاً . ثم توفي محمد بن أبي الحواري في أول سنة أربع عشرة ومائتين .
فولي المسلمون عليهم زهير بن برغوث . وكان بينه وبين تودط حروب كثيرة . وحاصر المسلمين في حصنهم وضاقت عليهم الميرة وقلّت الأقوات حتى أكلوا

الصفحة 196