كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 203 """"""
مدينة مسّيني وشيدوا أسوارها . وكاتب الحسن بن عمار بذلك ، فخرج الأمير أحمد بالجيوش . ورحل الكفرة من مسيني قاصدين الحسن بن عمار بقعلة رمطة .
ذكر وقعة الحفرة على رمطة
قال : وفي النصف من شوال سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة ، زحف منويل بجميع عسكره من المجوس والأرمن والروس ، في جمع لم يدخل الجزيرة مثله قط . فلما علم الحسن بن عمار بتقدمهم استعد للقاء ، وجعل عسكراً في مضيق ميقش وعسكراً في مضيق دمنّش . فبلغ ذلك منويل فوجه عسكرين بإزائهما ، ووجه عسكراً ثالثاً إلى طريق المدينة يمنع من يصل إليهم بنجدة . ورتب الحسن المقاتلة على القلعة وبرز بالعساكر للقاء الكفرة . وقد عزموا على الموت . وزحف الكفرة في ستة مواكب . وأحاطوا بالمسلمين من كل ناحية . ونزل أهل رمطة إلى من يليهم . والتقوا وقاتلت كل طائفة من يليها . فقاتلوا حتى دخل المسلمون خيام أنفسهم وأيقن العدو بالظفر . فاختار المسلمون الموت ، ورأوا أنه أسلم لهم وأوفر لحظوظهم ، فحميت الحرب . ونادى الحسن بن عمار بأعلى صوته : اللهم ، إن بني آدم أسلموني فلا تسلمني . وحمل بمن معه حملة رجل واحد . فصاح منويل بالكفرة يقول : أين افتخاركم بين يدي الملك ؟ أين ما ضمنتم له في هذه الشرذمة القليلة ؟ . فحمي الوطيس عند ذلك . وحمل منويل وقتل رجلاً من المسلمين . فطعن عدة طعنات فلم تعمل فيه شيئاً لحصانة ما عليه من اللباس . فحمل عليه رجل من المسلمين فطعن فرسه فعقره ، وقتل . وجاءت سحابة ذات برق ورعد وظلمة ، وأيد الله المسلمين بنصره . فانهزم الكفرة وركبهم المسلمون بالقتل . فمالوا إلى موضع ظنوه سهلاً ، فوقعوا في الوعر ، وأفضى بهم إلى حرف خندق عظيم كالحفرة من بعد قعره . فسقطوا فيها وقتل بعضهم فيها بعضاً . وامتلأت الحفرة منهم على طولها وعرضها وعمقها حتى مرت الخيل عليهم مسرعة . وحصل من بقي منهم في مواضع وعرة وخنادق هائلة . وكانت الحرب من أول النهار إلى بعد صلاة الظهر ، وتمادت هزيمة من بقي إلى الليل . وبات المسلمون يقتلونهم في كل ناحية وأسر جماعة من أكابرهم ، وغنم المسلمون من الأموال والخيل والسلاح ما لا يحد . وبلغ القتلى فوق العشرة

الصفحة 203