كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 204 """"""
آلاف . وكان فيما غنموه سيف فيه منقوش : هذا سيف هندي وزنه مائة وسبعون مثقالاً ، طالما ضرب به بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . فبعث به الحسن إلى المعز لدين الله ، مع مائتي علج من وجوههم ، ودروع وجواشن وسلاح كثير . ونجا من الكفرة نفر يسير فركبوا المراكب . وجاء الخبر إلى الأمير أحمد بالهزيمة قبل وصوله إلى ابن عمار .
وفي أثر هذه الوقعة توفي الحسن بن علي بن أبي الحسين والد الأمير أحمد .
قال : وبلغ الدمستق خبر هذه الوقعة وكسرة أصحابه ، وهو بالمصيصة وقد ضيّق على أهلها ، فرجع مسرعاً إلى القسطنطينية . ودام الحصار على رمطة أشهراً . فنزل منها ألف نفس من شدة ما نالهم من الجوع . فوجه بهم الحسن بن عمار إلى المدينة وبقيت المقاتلة ثم فتحت رمطة .
وكان بين المسلمين بعد ذلك وبين الكفار وقائع كثيرة ، منها وقعة الأسطول بالمجاز ، قتل فيها من الكفار في الماء حتى احمر المجاز .
ثم وقع الصلح بعد ذلك بين المعز والدمستق في سنة ست وخمسين وثلاثمائة وأتته هداياه . ووصل كتاب المعز إلى الأمير أحمد يعرفه بالصلح ، ويأمره ببناء أسوار المدينة وتحصينها ويعلمه أن البناء اليوم خير من غد ، وأن يبني في كل إقليم من أقاليم الجزيرة مدينة حصينة وجامعاً ومنبراً ، وأن يأخذ أهل كل إقليم بسكنى مدينتهم ولا يتركوا متفرقين في القرى . فسارع الأمير أحمد إلى ذلك ، وشرع في بناء سور المدينة . وبعث إلى جميع الجزيرة مشايخ ليقفوا على العمارة .
ذكر اخلاء طبرمين ورمطة
وفي سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ، وصلت هدية ملك القسطنطينية فأمر المعز لدين الله بإخلاء طبرمين ورمطة ، فاغتم المسلمون لذلك . فأمر الأمير أحمد أخاه أبا القاسم وعمه جعفراً ، فنزلا بينهما وهدمتا وأحرقتا بالنار .
وفيها أمر المعز لدين الله الأمير أحمد بمفارقة صقلية والقدوم إلى إفريقية . ففرقها بجميع أهله وماله وأولاده وإخوته . فركبوا في ثلاثين مركباً . ولم يقق منهم بصقلية أحد . فكانت ولايته خاصة ست عشرة سنة . واستخلف على صقلية يعيش مولى أبيه .

الصفحة 204