كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 206 """"""
البربر بعيالاتهم ، فنفوا حتى لم يبق منهم أحد . وأمر بقتل العبيد فقتلوا عن آخرهم . وجعل جميع جنده من أهل صقلية . فقل العسكر عنده . وأدى ذلك إلى وثوب أهل صقلية به وإخراجه .
ذكر وثوب أهل صقلية بالأمير جعفر وأخراجه
قال المؤرخ : كان سبب ذلك أنه ولي عليهم كاتبه حسن بن محمد الباغاني ، فصادر الناس وعاملهم بسوء . وأشار على جعفر أن يأخذ من صقلية الأعشار في طعامهم وثمارهم على عادة البلاد . ولم يجر لهم بذلك عادة وإنما كانت العادة أن يؤخذ على الزوج البقر شيء معلوم ولو أصاب ما أصاب . ثم أظهر جعفر الاستخفاف بأهل صقلية ، وشيوخ بلادها ، واستطال عليهم .
فزحف إليه أهل البلد صغيرهم وكبيرهم . فحاصروه في قصره وهدموا بعض أرباضه . وباتوا ليلة الاثنين لست خلون من المحرم سنة عشر وأربعمائة ، وقد أشرفوا على أخذه . فخرج إليهم أبوه يوسف في محفة ، وكانوا له مكرمين . فلطف بالناس ووعدهم أنه لا يخرج عن رأيهم . فذكروا له ما أحدث ولده . فقال : أنا أكفيكم أمره ، وأعتقله وأولي عليكم من ترضونه . فوقع اختيارهم على ولده أحمد الأكحل .
ذكر ولاية الأمير تأييد الدولة أحمد الأكحل
كانت ولايته في يوم الاثنين السادس من المحرم سنة عشر وأربعمائة . وتسلم أهل صقلية حسن الباغاتي الكاتب ، فقتلوه ، وطافوا برأسه ، وأحرقوه بالنار . وخاف يوسف على ابنه جعفر ، فحمله في مركب حربي إلى مصر ، وسار يوسف أيضاً ، ومعهما من الأموال ستمائةألف وسبعون ألف دينار . وكان ليوسف ثلاثة عشر ألف حجر سوى البغال وغيرها ، فمات بمصر وليس له إلا دابة واحدة .
قال : ولما ولي الأكحل أخذ أمره بالحزم والاجتهاد . فسكن الناس وصلحت أحوالهم .
ثم وصل كتاب الحاكم ولقب الأكحل تأييد الدولة .

الصفحة 206