كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 207 """"""
وجمع الأكحل المقاتلة ، وبث سراياه في بلاد الكفرة ، وكانوا يحرقون ويغنمون ويخربون البلاد . فأطاعه جميع القلاع .
وكان للأكحل ابن اسمه جعفر ، كان يستخلفه إذا سافر للغزاة فخالف سيرة أبيه في العدل الإحسان . ثم جمع أهل صقلية وقال : إني أحب إخراج أهل إفريقية عنكم ، فإنهم قد شاركوكم في بلادكم وأموالكم . فقالوا : كيف يكون ذلك ، وقد صاهرناهم واختلطنا بهم وصرنا شيئاً واحداً ؟ فصرفهم . ثم أرسل إلى الإفريقيين وقال لهم مثل ذلك في حق أهل صقلية ، فأجابوه إلى ما أراد . فجمعهم حوله فكان يحمي أملاكهم ، ويأخذ الخراج من أملاك أهل صقلية .
فسار جماعة من أهل صقلية إلى المعز بن باديس ، وأعلموه بما حل بهم . وقالوا : نحب أن نكون في طاعتك وإلا سلمنا الجزيرة إلى الروم . وذلك في سنة سبع وعشرين وأربعمائة . فوجه المعز ولده عبد الله إلى صقلية بعسكر عدته ثلاثة آلاف فارس ومثلهم رجالة . فسار إلى الجزيرة ووقعت بينه وبين الأكحل حروب ، وحصره في قصره بالخالصه . ثم اختلف أهل صقلية وأراد بعضهم نصرة الأكحل . فقتله الذين أحضروا عبد الله بن المعز غدراً ، وأتوا برأسه إلى عبد الله .
ثم رجع بعض الصقليين عن بعض ، وندموا على إدخال عبد الله إلى الجزيرة ، واجتمعوا على حربه ، وقاتلوه فانهزم عسكر عبد الله وقتل منهم نحو ثلاثمائة رجل . ورجعوا في المراكب إلى إفريقية . وولي أهل صقلية على أنفسهم الصمصام أخا الأكحل . واضطربت أحوال أهل الجزيرة ، وانفردت كل طائفة بجهتها . فرجع أمر أهل المدينة إلى المشايخ الذين بها ، وأخرجوا الصمصام . وانفرد القائد عبد الله بن منكوت بمازر وطرابنش والشاقة ومرسى علي وما حولها من الوادي . وانفرد القائد علي بن نعمة المعروف بابن الجواش بقلعة قصر يانة ومدينة جرجنت وقصر نوبر ومايلي ذلك . واختبطت الجزيرة . ثم ثار رجل يعرف بابن الثّمنة فاستولى على

الصفحة 207