كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 209 """"""
ثم مات في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة وولي ابنه تميم . فبعث أسطولاً وعسكراً إلى الجزيرة ، وقدّم عليه وليده أيوب وعلياً . فوصلوا إلى صقلية . فنزل أيوب والعسكر المدينة ، ونزل على جرجنت . ثم انتقل أيوب إلى جرجنت فأحبه أهلها . فحسده ابن الجواش فكتب إلى أهلها ليخرجوه ، فلم يفعلوا . فسار إليه في عسكره وقاتله . فقتل ابن الجواش بسهم غرب أصابه . وملك أيوب ابن تميم . ثم وقع بعد ذلك بن أهل المدينة وبين عسكر أيوب فتنة ، أدت إلى القتال . ثم دار الشر بينهم وتراقى ، فرجع أيوب وأخوه في الأسطول إلى إفريقية ، وذلك في سنة إحدى وستين وأربعمائة . وصحبهم جماعة من أعيان صقلية .
فلم يبق للفرنج مانع ولا ممانع ، فاستولوا على الجزيرة . ولم يثبت بين أيديهم غير قصريانة وجرجنت . فحصرهما الفرنج وضيقوا على المسلمين حتى أكلوا الميتة وعدموا ما يأكلونه . فأما أهل جرجنت فسلموها إلى الفرنج في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة . وبقيت قصريانة بعد ذلك ثلاث سنين . فلما اشتد الأمر عليهم أذعنوا إلى التسليم . فتسلمها الفرنج خذلهم الله تعالى في سنة أربع وثمانين وأربعمائة . وملك رجار جميع الجزيرة ، وأسكنها الروم والفرنج مع المسلمين . ولم يترك لأحد من أهلها حماماً ولا دكاناً ولا طاحوناً ولا فرناً . ومات رجار بعد ذلك قبل التسعين وأربعمائة ، وملك بعده ولده روجار ، فسلك طريق ملوك المسلمين من الجنائب والسلاحية والجاندارية وغير ذلك . وخالف عادة الفرنج . وجعل له ديواناً للمظالم يرفع إليه شكوى المظلومين ، فينصفهم ولو من ولده ، وأكرم المسلمين ، ومنع عنهم الفرنج فأحبوه . وعمر أسطولاً كبيراً وملك الجزائر التي بين المهدية وصقلية مثل مالطة وقوصرة وغيرهما . وتطاولوا بعد ذلك إلى سواحل إفريقية وملكوا المهدية وغيرها . ثم استرجعت منهم على ما ذكرناه في أخبار عبد المؤمن بن علي .
ذكر أخبار جزيرة أقريطش
هذه الجزيرة دون جزية صقلية ، وهي كثيرة الخصب مستطيلة الشكل .
وأول من غزاها في الإسلام ابن أبي أمية الأزدي ، في أيام معاوية ابن أبي سفيان .

الصفحة 209