كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 21 """"""
خرجت مجاهداً في سبيل الله ، ولم أخن الله تعالى ولا الخليفة . فقال له الوليد : أردك إلى عملك وأحسن إليك . فحلف حسان أنه لا ولي لبني أمية ولاية أبداً . فغضب الوليد على عمه عبد العزيز لما عامل به حساناً . وكان حسان يسمى الشيخ الأمين لثقته وأمانته ثم ولي بعده موسى بن نصير .
ذكر ولاية موسى بن نصير إفريقية وما كان من حروبه وآثاره
كانت ولايته في سنة تسع وثمانين ، وذلك أن حسان بن النعمان لما امتنع من إجابة الوليد إلى رجوعه إليها ، كتب الوليد إلى عمه عبد العزيز أن يوجه موسى بن نصير إلى إفريقية وأن تكون ولايته من قبل الوليد . وأفرد إفريقية عن مصر . فسار موسى حتى قدم إفريقية وعزل عنها صالحاً خليفة حسان بها .
فبلغه أن بأطراف إفريقية قوماً خارجين عن الطاعة . فوجه إليهم ابنه عبد الله فقاتلهم وظفر بهم . وأتاه بمائة ألف رأس من سبيهم . ثم وجه ولده مروان إلى جهة أخرى ، فأتاه بمائة ألف رأس . ثم توجه هو بنفسه إلى جهة أخرى فأتي بمائة ألف رأس . قال الليث بن سعد : فبلغ الخمس يومئذ ستين ألف رأس ولم يسمع بمثل هذا في الإسلام .
ثم خرج غازياً إلى طنجة يريد من بقي من البربر . فهربوا منه فاتبعهم يقتل فيهم حتى بلغ السوس الأدنى لا يدافعه أحد . فاستأمن البربر إليه وأطاعوه . فقبل طاعتهم وولي عليهم والياً . ثم استعمل على طنجة وبلادها مولاه طارق بن زياد . وتركه بها في تسعة عشر ألف فارس من البربر وطائفة يسيرة من العرب لتعلّم البربر القرآن وفرائض الإسلام .
ورجع إلى إفريقية فمر بقلعة مجّانة . فتحصن أهله منه فترك عليها من يحاصرها مع بسر بن فلان ففتحها ، فسميّت قلعة بسر . ولم يبق بإفريقية من ينازعه من البربر ولا من الروم .

الصفحة 21