كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 214 """"""
وقيل : إن يزيد بن خالد القسري هو الذي ادعى المال وديعة عند زيد . فلما أمرهم هشام بالمسير إلى العراق إلى يوسف ، استقالوه خوفاً من شر يوسف وظلمه . فقال أنا أكتب إليه بالكف عنكم . وألزمهم بذلك ، فسارواعلى كره . فجمع يوسف بينهم وبين يزيد ، فقال يزيد : ليس لي عندهم قليل ولا كثير . قال يوسف : أفبي تهزأ أم بأمير المؤمنين ؟ فعذبه يومئذ عذاباً كاد يهلكه . ثم أمر بالقرشيين فضربوا وترك زيداً . ثم استحلفهم وأطلقهم فلحقوا بالمدينة . وأقام زيد بالكوفة ، وكان زيد قد قال لهشام لما أمره بالمسير إلى يوسف : والله ، ما آمن إن بعثتني إليه أن لا نجتمع أنا وأنت حيين أبداً . قال : لا بد من المسير إليه .
وقيل : كان السبب في ذلك أن زيداً كان يخاصم ابن عمه جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي في وقوف علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ؛ زيد يخاصم عن بني حسين ، وجعفر يخاصم عن بني حسن . فكانا يتبالغان كل غاية ويقومان فلا يعيدان مما كان بينهما حرفاً . فلما مات جعفر نازعه عبد الله بن حسن بن الحسن . فتنازعا يوماً بين يدي خالد بن عبد الملك بن الحارث بالمدينة . فأغلظ عبد الله لزيد وقال : يا بن السندية فضحك زيد وقال : قد كان إسماعيل لأمة ، ومع ذلك فقد صبرت بعد وفاة سيدها إذ لم تصبر غيرها . يعني فاطمة ابنة الحسين أم عبد الله فإنها تزوجت بعد أبيه الحسن . ثم ندم زيد واستحيي من فاطمة وهي عمته ، فلم يدخل عليها زماناً . فأرسلت إليه : يا ابن أخي إني لأعلم أن أمك عندك كأم عبد الله عنده وقالت لعبد الله : بئس ما قلت لأم زيد ، أم والله لنعم دخيلة القوم كانت .
قال : فذكر أن خالداً قال لهما : اغدوا عليها غداً . فلست لعبد الملك إن لم أفصل بينكما . فباتت المدينة تغلي كالمراجل يقول قائل : قال زيد كذا ، ويقول قائل : قال عبد الله كذا . فلما كان من الغد ، جلس في المسجد واجتمع الناس ، فمن بين شامت ومهموم . فدعا بهما خالد ، وهو يحب أن يتشاتما . فذهب عبد الله يتكلم . فقال زيد : لا تعجل يا أبا محمد ، أعتق زيد ما يملك إن خاصمك إلى خالد أبداً ثم أقبل على خالد فقال له : أجمعت ذرية رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأمر ما كان يجمعهم عليه أبو بكر أو عمر ؟ فقال خالد : أما لهذا السفيه أحد ؟ فتكلم رجل من الأنصار من آل عمرو بن حزم فقال : يا ابن أبي تراب ، وابن حسين السفيه ، أما ترى لوال عليك حقاً ولا طاعة ؟ فقال زيد اسكت أيها القحطاني ، فإنا لا نجيب مثلك . قال : ولم ترغب عني ؟ فو الله إني لخير منك ، وأبي خير من أبيك ، وأمي خير من أمك . فتضاحك زيد وقال : يا معشر قريش ، هذا الدين قد ذهب ، أفتذهب الأحساب ؟ فو الله ليذهب

الصفحة 214