كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 216 """"""
ثم قال زيد : أستودعك الله ، وإني أعطي الله عهداً أن " لا " دخلت يدي في طاعة هؤلاء ما عشت .
وفارقه وأقبل إلى الكوفة . فأقام بها مستخفياً يتنقل في المنازل . وأقبلت الشيعة تختلف إليه تبايعة . فيايعه جماعة منهم سلمة ابن كهيل ، ونصر بن خزيمة العبسي ، ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري ، وناس من وجوه أهل الكوفة . وكانت بيعته : إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنته نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ، وجهاد الظالمين ، والدفع عن المستضعفين ، وإعطاء المحرومين ، وقسم هذا الفيء بين أهله بالسواء ، ورد المظالم ، وإقفال المجمر ونصرة أهل البيت ، أتبايعون على ذلك ؟ فإذا قالوا : نعم . وضع يده على أيديهم ويقول : عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة روسله ( صلى الله عليه وسلم ) لتفينّ ببيعتي ، ولتقاتلن عدوي ، ولتنصحن لي في السر والعلانية فإذا قال : نعم . مسح يده على يده .
ثم قال : اللهم اشهد . فبايعه خسمة عشر ألفاً ، وقيل : أربعون ألفاً . وأمر أصحابه بالاستعداد ، فأقبل من يريد أن يفي له ويخرج معه يستعد ويتهيأ . فشاع أمره في الناس . هذا على قول من زعم أنه أتى الكوفة من الشام واختفى بها يبايع الناس .
وأما على قول من زعم أنه أتى الكوفة إلى يوسف بن عمر لمقابلة خالد بن عبد الله القسري أو ابنه يزيد بن خالد ، فإنه يقول : إنه أقام بالكوفة ظاهراً ومعه داود بن علي بن عبد الله بن عباس . وأقبلت الشيعة تختلف إلى زيد ، وتأمره بالخروج ، ويقولون : إنا لنرجو أن تكون أنت المنصور ، وأن هذا الزمان هو الذي يهلك فيه بنوأمية . فأقام بالكوفة .
وجعل يوسف بن عمر الثقفي يسأل عنه ، فيقال : هو ها هنا . ويبعث إليه ليسير فيقول : نعم ويعتل بالوجع . فمكث ما شاء الله . ثم أرسل إليه يوسف ليسير ، فاحتج بأنه يبتاع أشياء يريدها . ثم أرسل إليه يوسف بالمسير عن الكوفة ، فاحتج بأنه يحاكم بعض آل طلحة بن عبيد الله في ملك بينهما بالمدينة ، فأرسل إليه ليوكل وكيلاً ويرحل عنها . فلما رأى جد يوسف في أمره سار حتى أتى القادسية وقيل الثّعلبية . فتبعه

الصفحة 216