كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 219 """"""
وكان زيد قد واعد أصحابه أول ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة . فبلغ يوسف بن عمر ، فبعث إلى الحكم يأمره أن يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم يحصرهم فيه ، فجمعهم فيه . وطلبوا زيداً في دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري ، فخرج منها ليلاً . ورفعوا النيران ونادوا : يا منصور حتى طلع الفجر .
فلما أصبحوا بعث زيد القاسم الحضرمي وآخر من أصحابه يناديان بشعارهم . فلما كانوا بصحراء عبد القيس لقيهم جعفر بن العباس الكندي . فحملوا عليه وعلى أصحابه ، فقتل الذي كان مع القاسم ، وارتثّ القاسم وأتي به الحكم فضرب عنقه . فكانا أول من قتل من أصحاب زيد .
فأغلق الحكم دروب السوق وأبواب المسجد على الناس . وبعث إلى يوسف بالحيرة فأخبره الخبر . فأرس جعفر بن العباس ليأتيه بالخبر . فسار في خمسين فارساً حتى بلغ جبانة سالم ، فسأل ثم رجع إلى يوسف فأخبره . فسار يوسف إلى تل قريب من الحيرة ، فنزل عليه ومعه أشراف الناس . فبعث الريان بن سليمة الإراشي في ألفين ومعه ثلاثمائة من القيقانية رجالة معهم النشّاب .
وأصبح زيد فكان جميع من وافاه تلك الليلة مائتي رجل وثمانية عشر رجلاً . فقال زيد : سبحان الله أين الناس ؟ فقيل : إنهم في المسجد الأعظم محصورون . فقال : والله ، ما هذا بعذر لمن بايعنا وسمع نصر بن خزيمة العبسي النداء فأقبل إليه . فلقي عمرو بن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم في خيله من جهينة في الطريق فحمل عليه نصر ، فقتل عمرو وانهزم من كان معه .
وأقبل زيد على جبانة سالم حتى انتهى إلى جبانة الصائديين وبها خمسمائة من أهل الشام . فحمل عليهم زيد فيمن معه فهزمهم . وانتهى زيد إلى دار أنس بن عمرو الأزدي ، وكان فيمن بايعه ، وهو في الدار . فنودي فلم يجبهم . وناده زيد فلم يخرج إليه . فقال زيد : ما أخلفكم قد فعلتموها ؟ ؟ الله حسيبكم ثم انتهى زيد إلى الكناسة فحمل على من بها من أهل الشام فهزمهم . ثم سار زيد ويوسف ينظر إليه

الصفحة 219